عالِمُ الغيبِ} أي : هو عالم الغيب، ﴿فلا يُظْهِر﴾ ؛ فلا يُطلع ﴿على غيبه أحداً إِلاّ مَن ارتضى من رسولٍ﴾ أي : إلاَّ رسولاً قد ارتضاه لِعلْمِ بعض الغيب ؛ ليكون إخباره عن الغيب معجزةً له، والولي إذا أخبر بشيء فظهر فهو غير جازم به، وإنما أخبر به بناءً على رؤيا، أو بالفراسة، أو بتجلِّ قلبي، على أنّ كل كرامة لوليّ فهي معجزة لنبيه. قال بعضهم : وفي هذه الآية دلالة على تكذيب المنجّمة، وليس كذلك، فإنَّ فيهم مَن يَصدق خبره، وكذلك المتطببة، فإنهم يعرفون طبائع النبات، وذا لا يُعرف بالتأمُّل، فعلم بأنهم وقفوا على علمه من جهة رسول انقطع أثره، وبقي علمه في الخلق. قاله النسفي. فتحصّل : أنّ إطلاع النبي على الغيب قطعي، وغيره ظني.
وقال أبو السعود : وليس في الآية ما يدلّ على نفي كرامات الأولياء المتعلقة بالكشف، فإنّ اختصاص الغاية القاصية من مراتب الكشف بالرسل لا يستلزم عدم حصول مرتبةٍ ما من تلك المراتب لغيرهم أصلاًن ولا يدعي أحدٌ لأحدٍ من الأولياء ما في رتبة الرسل عليهم السلام من الكشف الكامل الحاصل بالوحي الصريح. هـ. وفيه تعريض بالزمخشري، فإنه استدل بالآية على نفي كرامات الأولياء، قال : لأنَّ الله خصّ الاطلاع على الغيب بالرسل دون غيرهم. قال بعض العلماء : ولا غرابة في إنكار معظم المعتزلة لكرامات الأولياء ؛ إذ هم لم يُشاهدوا في جماعتهم الضالة المضلة ولياً لله تعالى قط، فكيف يعرفون الكرامة ؟ !!. هـ.
١٦١


الصفحة التالية
Icon