جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٦٣
والجمهور : أن الأمر هنا للندب، وقيل : كان فرضاً وقت نزول الآية، وقيل : كان فرضاً على النبي ﷺ خاصة، وبقي كذلك حتى تُوفي.
﴿وَرَتِّلِ القرآن﴾ في أثناء قيامك بالليل، أي : اقرأه على تُؤدة وتبيين حروفٍ ترتيلاً بليغاً بحيث يتمكن السامع مِن عَدٍّها، من قولهم : ثغر رَتَل : إذا كان مفلّجاّ. وترتيلُ القرأن واجب، فمَن لم يرتِّله فهو آثم إذا أخلَّ بشيء من أداء التجويد، كترك الإشباع أو غيره. والمقصود من الترتيل : تدبُّر المعاني، وإجالة الفكر في أسرار القرآن. قال في الإحياء : واعلم أنّ الترتيل أشد تأثيراً في القلب من الهذرمة والاستعجال، والمقصود من القرآن : التفكُّر، والترتيلُ مُعين عليه. وسيأتي في الإشارة تمامه إن شاء الله.
﴿إِنَّا سنُلْقِي﴾ أي : سنُنزل ﴿عليك قولاً ثقيلاً﴾ وهو القرآن العظيم، المنطوي على تكاليف شاقة ثقيلة على المكلّفين، أو : ثقيلاً على المنافقين، أو : ثقيلاً لرزانة لفظه، ومتانة معناه، أو : ثقيلاً على المتأمِّل ؛ لافتقاره إلى مزيد تأمُّل وتفرُّغ للسر، وتجريدٍ للنظر، أو ثقيلاً في الميزان، أو ثقيلاً تلقيه من جبريل، فقد كان عليه السلام ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البردِ، فَيَفْصِم عنه، وإنّ جبينه لَيتَفَصَّدُ عَرَقاً.


الصفحة التالية
Icon