وقوله تعالى :﴿إِنَّا سنُلقي عليك قولاً ثقيلا﴾، قال القشيري :(ثقيلاً) أي : له خطْر، ويقال : لا يقوى عليه إلاَّ مَن أيّد بقوة سماوية، ورُبّي في حجر التقريب. هـ. قال الورتجبي : وكيف لا يثقل قولهُ سبحانه وهو قديم، وأجدر أن تذوب تحت سطوات عزيته الأرواح والأشباح والأكوان والحدثان، بل هو بذاته يحمل صفاته لا غير، وكان عليه السلام مؤيداَ بالاتصاف بالحق، فكان يحمل الحق بالحق. هـ. المراد منه. (إنَّ ناشئة الليل) أي : نشأة الفكرة في الليل هي أشد وطأً، أي : موافقة، وغرقاً في بحر الذات، وتيار الصفات ؛ لتفرغ القلب حينئذ من شواغل الحس. وكان الشيخ " أبو يزيد " يخرج كل ليلة إلى الصحراء، ويبيت واقفاً على أطراف قدميه، شاخصاً ببصره إلى السماء، فقال لمَن رآه كذلك : دَوَّرَني الحق تعالى في الفلك العلوي والسفلي، وأطلعني على عجائب ملكوته... الخ كلامه، وما كانت إلاَّ فكرته غاصت في بحر الذات، ودارت مع التجليات العلوية والسفلية، ووقوفه في ذلك لغلبة الحال، ولله رجال في زماننا هذا يقلبون الوجود، ويَدُورون معه، وهم على فُرشهم، لتمكُّنهم من الشهود بلا تعب.