وقوله تعالى :﴿إن لك في النهار سَبْحاً طويلا﴾ السَبح هو العوم، أي : إنَّ لك في النهار عوماً طويلاً في بحار الأحدية، فاستغرق ليلك ونهارك في ذلك، واذكر اسم ربك بقلبك وروحك وسرك، وهو عين السَبْح المتقدم، وتبتّل إليه تبتيلاً في الظاهر والباطن، فبالتبتُّل يحصل الوصول، وبذكر الاسم باللسان يحصل الذكر للجنان، ثم يسبح في بحر العيان. رب المشرق والمغرب، أي : مشرق العيان ومغرب قمر الإيمان، بسطوع شمس العيان. لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً، وثِقْ به كفيلاً يعطك عطاءً جزيلاً، ويمنحك فخراً جليلاً، واصبر على ما يقولون في جانبك، فإنَّ الداخل على الله منكور، والراجع إلى الناس مبرور. ﴿واهجرهم هجراً جميلاً﴾، قال القشيري : أي : عاشِرهم بظاهرك، وبايِنْهم بسرِّك وقلبك، ويُقال : الهجرُ الجميل : ما يكون بحق ربك، لا بحظِّ نفسك. هـ.
١٦٦
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٦٣
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وَذَرْنِي والمكذِّبينَ﴾ أي : دعني وإيّاهم، وكِلْ أمرَهم إليّ، فإني أكفيكهم، والمراد رؤساء قريش، و " المكذِّبين " : مفعول معه، أو : عطف على الياء. ﴿أُولِي النَّعْمَةِ﴾ أي : أرباب التنعُّم، وهم صناديد الكفرة، فالنَّعمة بالفتح : التنعُّم، وبالكسر : ما يتنعّم به، وبالضم : المسرة. ﴿ومَهِّلْهُمْ قليلاً﴾ أي : إمهالاً قليلاً، أو زمناً قليلاً إلى يوم بدر، أو يوم القيامة.


الصفحة التالية
Icon