﴿وثيابَك فطهِّرْ﴾ مما ليس بطاهر، فإنه واجب في الصلاة، فلا تصح إلاّ بها، ووَصْفُ كمالٍ في غيرها، وذلك بصيانتها عن النجاسات، وغسلها بعد إصابتها، أو قَصِّرْها مخالفةً للعرب في تطويلهم الثياب، وجرهم الذيول كِبراً، فإنَّ طولها يؤدي إلى جرها على القاذورات، وهو أول ما أُمر به ﷺ من ترك العادات المذمومة، وقيل : المراد تطهير النفس مما يُستقبح من الأفعال، ويُستهجن من الأحوال، يُقال : فلان طاهر الذيل والرداء، إذا وصفوه بالنقاء من المعايب ومدانس الأخلاق، ولأنَّ مَن طهر باطنه ظاهره غالباً. قال ابن العربي في أحكامه : والذي يقول : إنها الثياب المَجازية أكثر. هـ. ومَن قال : إنها الحسية استدل بها على وجوب غسل النجاسة للصلاة، وبه قال الشافعي، ومالك، في أحدى الروايات عنه.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٧٢
والرُّجزَ فاهجرْ﴾ أي : دم على هجرانها، قاله الزهري وغيره. وقال ابن عباس : أي : اترك المآثم التي توجب الرجز، وهو العذاب، وفيه لغتان : كسر الراء، وضمها، وقُرىء بهما معاً. قال الكسائي : الرُّجز ـ بالضم : الوثن، وبالكسر : العذاب. ﴿ولا تمننْ تستكثرُ﴾ أي : ولا تعطِ مُتكثِّراً، أي : رائياً لما تعطيه كثيراً، أو طالباً للكثير على ما أعطيت، فإنك مأمور بأجلّ الأخلاق، وأشرف الآداب، وهو من المنّ بمعنى الإنعام، يُقال : مَنَّ عليه إذا أعطاه وأنعم عليه، " وتستكثر " : حال، أي : لا تُعطِ حال كونك تُعد ما أعطيت كثيراً، أو طالباً أكثر مما أعطى. وقرأ الحسن بالجزم جواب النهي. ﴿ولربك فاصبِرْ﴾ أي : لوجه الله استعمل الصبر على أوامره ونواهيه، وعلى تحمُّل مشاق أعباء التبليغ وأذى المشركين.