العوالم لعين البصيرة إلاَّ لمَن هدم عوائد نفسه، وخالف هواه. وبالله التوفيق.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٧٢
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ذَرْنِي ومَنْ خلقتُ﴾ أي : كِلْ أمره إليَّ فأنا أكفيك أمره، وهو الوليد بن المغيرة، وقوله :﴿وحيداً﴾ : حال من عائد الموصول، أي : خلقته منفرداً، لا مال له ولا ولداً، أو من الياء، أي : ذرني وحدي معه، فأنا أكفيكه، أو من التاء، اي : خلقته وحدي ولم يشاركني في خلقه أحد، والأول أنسب بقوله :﴿وجعلتُ له مالاً ممدوداً﴾ ؛ مبسوطاً كثيراً، أو ممدوداً بالنماء، وكان له الزرع والضرع والتجارة، وعن مجاهد : له مائة ألف دينار، وكان له أرض بالطائف، لا تنقطع ثمارها صيفاً وشتاءً، ﴿وبنينَ شُهوداً﴾ ؛ حضوراً معه بمكة لغناهم، يتمتع بشهودهم، لا يفارقونه لعمل، لكونهم مكُفيين، أو حضوراً في الأندية والمحامل لوجاهتهم، واعتيادهم، وكانوا عشرة، وقيل : ثلاثة عشر، وقيل : سبعة، كلهم رجال، الوليد بن الوليد، وخالد، وعمار ة، وهشام، والعاصي، وقيس، وعبد شمس، أسلم منهم خالد وهشام وعمارة، وجعل السهيلي بدل عمارة الوليدَ بن الوليد، وهو الصحيح، وفيه قال عليه السلام :" اللهم أنج الوليد بن الوليد " حين كان يُعذّب بمكة على الإسلام، والوليد هذا كان سبب إسلام أخيه خالد، وكان خالد فارًّا منه ﷺ، فسمع الوليدُ النبيَّ ﷺ يقول :" لو أتانا لاأكرمناه "، فكتب إليه، فوقع الإسلام في قلبه، وسمّاه سيفاً من سيوف الله، به فتح الله كثيراً من البلدان، وأما عُمارة فذكر غيرُ واحد أنه مات مشركاً عند النجاشي، ويروى أنَّ النجاشي قتله بسبب اختلافه إلى زوجته، ووشى به عَمْرُو بن العاص، كما ذكره الطيبي. انظر المحشي.