لِيستيقنَ الذين أُوتوا الكتاب}، لأنَّ عدتهم تسعة عشر في الكتابَيْن، فإذا سمعوا مثلها في القرآن تيقّنوا أنه مُنزَّل من عند الله، وهو متعلق بالجعل المذكور، أي : جعلناهم كذلك ليكتسبوا اليقين بنبوته ﷺ، وصِدْقِ القرآن، لموافقته لِما في كتبهم، ﴿ويزداد الذين آمنوا﴾ بمحمد ﷺ ﴿إِيماناً﴾ لتصديقهم بذلك، كما صدّقوا بسائر ما أُنزل، فيزيدون إيماناً مع إيمانهم الحاصل، أو : يزداد إيمانهم تيقُّناً ؛ لما رأوا من تسليم أهل الكتاب وتصديقهم، ﴿ولا يرتابَ الذي أوتوا الكتاب والمؤمنون﴾، تأكيد لِما قبله من الاستيقان وازدياد الإيمان، ونفي لما قد يعتري المستيقن من شُبهة ما، وإنما لم ينظم المؤمنين في سلك أهل الكتاب في الارتياب، حيث لم يقل : ولا يرتابوا ؛ للتنبيه على تباين النفيين حالاً، فإنَّ انتفاء الارتياب عن أهل الكتاب مما ينافيه لِما فيه من الجحود، وعن المؤمنين لما يقتضيه من الإيمان، وكم بينهما ؟ والتعبير عنهم باسم الفاعل بعد ذكرهم بالموصول والصلة الفعلية المُنبئة عن الحدث ؛ للإيذان بثباتهم على الإيمان بعد ازدياده ورسوخهم في ذلك. قاله أبو السعود.