الراهن رهنه بأداء الدَّين، وقيل : هم أطفال المسلمين ؛ لأنهم لا أعمال لهم يُرهنون بها، وقيل : هم الذين سبقت لهم من الله الحسنى، ﴿في جنات﴾، لا يُكتَنَهُ كُنهها، ولا يُدرك وصفها، أي : هم في جناتٍ، والجملة استئناف بياني، كأنه قيل : ما بالهم ؟ فقال : هم ﴿في جناتٍ يتساءلون﴾ ؛ يسأَل بعضهم بعضاً ﴿عن﴾ أحوال ﴿المجرمين﴾، فيقول بعضهم لبعض : قد سألناهم فقلنا له :﴿ما سلككم في سقرٍ﴾ ؟ فـ ﴿قالوا لم نك من المصلين...﴾ الخ. قاله النسفي، ورده أبو السعود، فقال : وليس المراد بتساؤلهم أن يسأل بعضُهم بعضاً، على أن يكون كل واحد منهم سائلاً ومسؤولاً معاً، بل صدور السؤال عنهم مجرداً عن وقوعه عليهم، فإنَّ صيغة التفاعل وإن وضعت في الأصل للدلالة على صدور الفعل عن المتعدد، ووقوعه عليه معاً، بحيث يصير كل واحد فاعلاً ومفعولاً معاً، كما في قولك : تراءى القوم، أي : رأى كُلُّ واحد منهم الآخر، لكنها قد تجرد عن المعنى الثاني، ويقصد بها الدلالة على الأول فقط، فيُذكر للفعل حينئذ مفعول، كما في قولك : تراءوا الهلال، فمعنى ﴿يتساءلون عن المجرمين﴾ : يسألونهم عن أحوالهم، وقد حذف المسؤول لكونه عيَّن المسؤول عنه، أي : يسألون المجرمين عن أحوالهم، وقوله تعالى :﴿ما سلككم في سقر﴾ : مقول لقول هو حال من فاعل " يتساءلون " أي : يسألونهم قائلين : أيُّ شيء أدخلكم في سقر ؟ فتأمل ودع عنك ما يتكلّف المتكلفون. هـ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٨١