وجواب القسم : لتُبعثنّ، دليله :﴿أيَحْسَبُ الإِنسانُ﴾ أي : الكافر المنكرِ للبعث ﴿ألَّن نجمعَ عِظامه﴾ بعد تفرّقها ورجوعها عظاماً رفاتاً مختلطاً بالتراب، أو : نسفَتْها الرياح وطيَّرتها في أقطار الأرض، أو : ألقتها في البحار. وقيل : إنَّ عَدِيّ بن ربيعة، خَتنَ الأخنس بن شريق، وهما اللذان قال فيهما النبي ﷺ :" اللهم اكفني جارَيْ السوء، عَدياً والأخنس " قال ـ عَدِيّ ـ : يا محمد، حدِّثنا عن يوم القيامة متى يكون، وكيف أمرها وحالها ؟ فأخبره عليه السلام، فقال : يا محمد ؛ لو عاينتُ ذلك لم أصدقك، ولم أُومِنْ بك، أَوَيجمعُ الله هذه العظام ؟ فنزلت. ﴿بلى﴾ أي : نجمعها حال كوننا ﴿قادرين على أن نُسَوّي بنانه﴾ أي : أصابعه كما كانت في الدنيا بلا انفصال ولا تفاوت مع صغرها، فكيف بكبار العِظام ؟ ! ﴿بل يريد الإِنسانُ لِيَفجُر أمامه﴾ : عطف على ﴿أيحسب﴾ إمّا على أنه استفهام توبيخي، أضرب عن التوبيخ بذلك إلى التوبيخ بهذا، أو : على أنه إيجاب انتقل إليه عن الاستفهام، أي : بل يريد ليدوم على فجوره فيما بين يديه من الأوقات، وما يستقبله من الزمان، لا يرعوي عنه. قال القشيري :﴿لِيفجُر أمامه﴾ أي : يعزم على أنه يستكثر من معاصيه في مستأنف وقته، ولا يحلّ عقدةَ الإصرار من قلبه، فلا تصحّ توبتُه ؛ لأنّ التوبة من شرطها : العزم على أن لا يعودَ إلى مثل ما عَمِل، فإذا كان استحلى الزلّة في قلبه، وتفكّر في الرجوع إلى مثله فلا تصح ندامتُه. هـ. وقيل :﴿ليفجُرَ أَمامَه﴾ أي : يكفر بما قُدامه، ويدل على هذا قوله :﴿يسأل أيَّانَ يومُ القيامةِ﴾ أي : متى يكون ؟ استبعاداً واستهزاءً.