﴿ووجوه يومئذٍ باسرٍةٌ﴾ أيك كالحة، شديدة العبوسة، وهي وجوه الكفار. ﴿تظن﴾ أي : يتوقع أربابُها ﴿أن يُفعل بها فاقِرة﴾ أي : داهية عظيمة، تقصم فقار الظهر. ﴿كلاَّ﴾، ردع عن إيثار العاجلة على الآخرة، أي : ارتدعوا عن ذلك وتنبّهوا لِما بين أيديكم من الموت، الذي عنده تنقطع العاجلة عنكم، وتنتقلون إلى الآجلة التي تبقون فيها مخلّدين، وذلك ﴿إِذا بلغتِ﴾ الروح ﴿التراقيَ﴾، ولم يتقدّم للروح ذكر ؛ إلاَّ أنَّ السياق يدل عليها، والتراقي : العظام المكتنفة لحفرة النحر عن يمين وشمال، جمع : ترقوة، أي : إذا بلغت
١٩٠
أعالي الصدور، ﴿وقيلَ مَن راقٍ﴾ أي : قال مَن حضر المحتضر : مَن يرقيه وينجيه مما هو فيه من الموت ؟ وهو من الرُقية، وقيل : هو من كلام ملائكة الموت، أي : أيكم يَرْقَى بروحه، ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب ؟ من الترقِّي. ﴿وظنَّ أنه الفِراقُ﴾ أي : تيقّن المحتضرُ أنَّ ما نزل به هو الفِراق من دار الدنيا ونعيمها التي كان يحبها ﴿والتفَّتِ الساقُ بالساقِ﴾ أي : التوت ساقاه بعضها على بعض عند موته. وعن سعيد بن المسيِّب : هما ساقاه حين تُلفّان في أكفانه، وقيل : شدّة فراق الدنيا بشدّة إقبال الآخرة، على أنَّ الساق مَثَلٌ في الشدة. وعن ابن عباس رضي الله عنه : هَمَّان : هَمٌّ الولد، وهَمُّ القدوم على الواحد الصمد. ﴿إِلى ربك يومئذٍ المساقُ﴾ أي : إلى الله وإلى حكمه يُساق، لا إلى غيره، إمّا إلى الجنة وإمّا إلى النار، وهو مصدر : ساقه مساقاً.


الصفحة التالية
Icon