﴿وإِذا رأيتَ ثَمَّ﴾ أي : وإذا وقعت منك رؤية هناك، فـ " رأيت " هنا : لازم، ليس له مفعول لا ملفوظ ولا مُقدّر، بل معناه : أنَّ بصرك أينما وقع في الجنة ﴿رأيتَ نعيماً﴾ عظيماً ﴿ومُلكاً كبيراً﴾ أي : هنيئاً واسعاً. وفي الحديث :" أَدْنَى أهل الجنةِ منزلاً مَن ينظرُ في مُلكه مَسيرة ألف عام، ويَرَى أقصاهُ كما يرى أدناه "، وقال أيضاً ﷺ :" إنَّ أدنى أهل الجنة منزلاً الذي يركبُ في ألف ألف من خَدَمه من الولدان، على خيل من ياقوت أحمر، لها أجنحة من ذهب "، ثم قرأ عليه السلام :﴿وإذا رأيت ثَمَّ...﴾ إلخ. وقيل : مُلكاً لا يعقبه زوال، وقال الترمذي : مُلك التكوين، إذا أرادوا شيئاً كان هـ. وقيل : تستأذن عليهم الملائكة استئذان الملوك. رُوي : إنَّ الملائكة تأتيهم بالتُحف، فتستأذن عليهم، حاجباً بعد حاجب، حتى يأذن لهم الآخر، فيدخلون عليهم من كل باب بالتُحف والتحية والتهنئة. هـ.
٢٠٠
ثم وصف لباس أهل الجنة فقال :﴿عَالِيَهُم ثِيَابُ سُندُسٍ﴾ فمَن نصبه جعله حالاً من الضمير في " يطوف عليهم " أي : يطوف عليهم ولدان عالياً للمطوف عليهم ثيابُ سندس، ومَن قرأه بالسكون فمبتدأ، و " ثياب " خبر، أي : الذي يعلوهم من لباسهم ثياب سندس، وهو رقيق الديباج، ﴿خُضْرٌ﴾ ؛ جمع أخضر، ﴿وإِستَبرقٌ﴾ ؛ غليظ الديباج، فمَن رفعهما حملهما على الثياب، ومَن جَرَّهما فعلى سندس. ﴿وحُلُّوا أساوِرَ من فضةٍ﴾ وفي سورة الملائكة :﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً﴾ [فاطر : ٣٣]، والجمع بينهما : بأنه يجمع في التحلية بينهما. قال ابن المسيب :(لا أحدٌ من أهل الجنة إلاّ وفي يده ثلاثة أسْوِرة، واحد من فضة، وآخر من ذهب، وآخر من لؤلؤ) أو : يختلف ذلك باختلاف الأعمال، فبعضهم يُحلّى بالفضة، وبعضهم بالذهب، وبعضهم باللؤلؤ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٠٠


الصفحة التالية
Icon