كان لكم جزاء على مجاهدتكم وصبركم، وكان سعيكم مشكوراً، وحضكم منه موفوراً. وبالله التوفيق.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٠٠
٢٠٢
يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِنَّا نحن نزَّلنا عليك القرآن تنزيلا﴾ أي : مفرّقاً منجماً، شيئاً فشيئاً، لحِكَم بالغة مقتضية لتفريقه، لا غيرنا، كما يُعرب عنه تكرير الضمير مع " إن "، فهو تأكيد لاسم إن، أو : ضمير فصل لا محل له ﴿فاصبر لِحُكم ربك﴾ في تأخير نصرك، فإنّ له عاقبة حميدة، أو : اصبر لتبليغ الرسالة، وتحمل الأذى ؛ فإن العاقبة لك، ﴿ولا تُطِعْ منهم آثماً أو كفوراً﴾ أي : لا تُطع الآثم في إثمه، ولا الكافر في كفره، أي : لا تُطع كل واحد من مرتكب الإثم الداعي لك إليه، أو من الغَالي في الكفر الداعي إليه، و " أو " للدلالة على أنهما سيان في استحقاق العصيان والاستقلال به، باعتبار ما يدعون إليه، فإنَّ ترتيب الوصف على الوصفين مشعر بعليتهما، فلا بد أن يكون النهي عن الإطاعة في الإثم والكفر، لا فيما ليس بإثم ولا كفر.
وقيل : الآثم : عُتبة، فإنه كان ركّاباً متعاطياً لأنواع الفسوق، والكفور : الوليد، فإنه كان غالياً في الكفر، شديد الشكيمة في العتو. والظاهر : أنّ المراد كل آثم وكافر، اي : لا تُطع أحدهما، وإذا نهى عن طاعة أحدهما لا بعينه، فقد نهى عن طاعتهما معاً، ولو كان بالواو لجاز أن يُطيع أحدهما ؛ لأن الواو للجمع، فيكون منهياً عن طاعتهما، لا عن طاعة أحدهما.


الصفحة التالية
Icon