ثم شرع في تفصيل أحكام الفصل بعد بيان هوله، وقدَّم بيان حال الكفرة ترهيباً، فقال :﴿إنَّ جهنم كانت مِرْصَاداً﴾ أي : موضع الرصد، وهو الارتقاب والانتظار، أي : تنتظر الكفار وترتقبهم ليدخلوا فيها، أو طريقاً يمر عليه الخلق، فالمؤمن يمر عليها، والكافر يقع فيها، أي : كانت في علم الله وقضائه موضع رصد يرصد فيه الخزنةُ الكفارَ ليعذبوهم فيها، ﴿للطاغين مآباً﴾ : نعت لمرصاد، أي : كائناً للطاغين مرجعاً يرجعون إليه لا محالة، ﴿لابثين فيها﴾، ماكثين فيها، وهو حال مُقدَّرة من المستكن في الطاغين. وقرأ حمزة (لبثين)، وهو أبلغ من " لابثين " لأنَّ اللابث مَن يقع منه مطلق اللَّبْث، واللَّبِث مَن شأنه اللبث والمقام، و ﴿أحقاباً﴾ : طرف للبثهم، جمع حُقب، كقُفْل وأقفال، وهو الدهر، ولم يرد به عدداً محصوراً، بل كلما مضى حُقب تبعه حقب، إلى غير نهاية، ولا يستعمل الحُقب إلاّ حيث يراد تتابع الأزمنة وتواليها. وقيل : الحقب ثمانون سنة، ورُوي عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه ثلاثون ألف سنة. وقال الحسن : ليس للأحقاب عدة إلاّ الخلود.