يومَ يقومَ الرُّوحُ} ؛ جبريل عليه السلام عند الجمهور، وقيل : مَلكٌ عظيم، ما خلق الله تعالى بعد العرش أعظم منه، يكون وحده صفًّا، ﴿والملائكةُ صفاً﴾ : حال، أي : مصطفين ﴿لا يتكلمون﴾ أي : الخلائق خوفاً، ﴿إِلاَّ مَن أّذِنَ له الرحمنُ﴾ في الكلام أو الشفاعة، ﴿وقال صَواباً﴾ أي : حقًّا. قال الطيبي عن الإمام : فإن قيل : لَمَّا أذن له الرحمن في التكلم عَلِمَ أنه حق وصواب، فما الفائدة في قوله :﴿وقا صواباً﴾ ؟ فالجواب من وجهين، أحدهما : أنَّ التقدير : لا ينطقون إلاَّ بعد ورود الإذن والصواب، ثم يجتهدون في ألاَّ ينطقوا إلاَّ بالحق والصواب، وهذا مبالغة في وصفهم بالطاعة. وثانيهما : أنَّ التقدير : لا يتكلمون إلاَّ في محضر إذن الرحمن في شفاعته والمشفوع له ممن قال صواباً، وهو قول لا إله إلاّ الله. هـ. قلت : والمعنى : أن يُراد بالصواب : استعمال الأدب في الخطاب، بمراعاة التعظيم، كما هو شأن الكلام مع الملوك.
ثم قال تعالى :﴿ذلك اليومُ الحق﴾ أي : الثابت المحقَّق لا محالة، من غير صارف يلويه، ولا عاطف يثنيه. والإشارة إلى يوم قيامهم على الوجه المذكور، وما فيه من معنى البُعد مع قرب العهد بالمشار أليه للإيذان بعلو درجته، وبُعد منزلته في الهول والفخامة.
٢٢٢
وهو مبتدأ، و " اليوم " خبره، أي : ذلك اليوم العظيم الذي يقوم الروح والملائكة مصطفين، غير قادرين على التكلم عنهم ولا عن غيرهم من الهيبة والجلال، هو اليوم الحق، ﴿فمَن شاء اتخذ إَلى ربه مآباً﴾ ؛ مرجعاً بالعمل الصالح. والفاء فصيحة تفصح عن شرط محذوف، أي : إذا كان الأمر كذلك من تحقُّق اليوم المذكور لا محالة، فمَن شاء أن يتخذ إلى ربه مرجعاً، أي : إلى ثواب ربه الذي ذكر شأنه العظيم، فليفعل ذلك بالإيمان والطاعة، و " إلى ربه " يتعلق بـ " مآب " قُدّم اهتماماً وللفواصل.