وحاصِلُ المعنى : أنَّ هذه الآيات ـ أي آيات القرآن ـ تذكرة، فمَن شاء فليتعظ بها، حاصلة ﴿في صُحُفٍ﴾ منتسخة من اللوح، ﴿مُكَرَّمةٍ﴾ عند الله عزّ وجل، ﴿مرفوعةٍ﴾ في السماء السابعة، أو : مرفوعة المقدار والمنزِلة، ﴿مُطَهَّرةٍ﴾ عن مساس أيدي الشياطين، أو : عما ليس من كلام الله تعالى أو : مِن خللٍ في اللفظ أو المعنى، ﴿بأيدي سَفَرَةٍ﴾ أي : كَتَبَة من الملائكة، يستنسخون الكتبَ من اللوح، على أنه جمع :" سافِرٍ "، من السَّفْر، وهو الكتب، وقيل : بأيدي رسل من الملائكة يَسْفِرون بالوحي، بينه تعالى وبين أنبيائه، على أنه جمع " سفير " من السِفارة، وحَمْل " السَفَرة " على الأنبياء ـ عليهم السلام ـ أو على القُراء، لأنهم يقرؤون الأسفار، أو على الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ بعيد ؛ لأنَّ هذه اللفظة مختصة بالملائكة، لا تكاد تُطلق على غيرهم، وقال القرطبي :" المراد بقوله تعالى في الواقعة :﴿لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة : ٧٩] هؤلاء السَفَرة ". ﴿كِرام﴾ عند الله تعالى، أو : متعطفين على المؤمنين يكلؤونهم ويستغفرون لهم، ﴿بررةٍ﴾ ؛ أتقياء، أو : مطيعين لله تعالى، من قولهم : فلان يبر خالقه، أي : يُطيعه، أو : صادقين، من قولهم : برّ في يمينه : صدق. والله تعالى أعلم.