شدة الأمر. ﴿وإِذا الوحوشُ حُشِرت﴾ أي : جُمعت من كل جانب، وقيل : بُعثت للقصاص، قال قتادة : يُحشر كلُّ شيءٍ حتى الذباب للقصاص، فإذا قضى بينها رُدّت تراباً، فلا يبقى منها إلاّ ما فيه سرور لبني آدم، كالطاووس ونحوه. ﴿وإِذا البحار سُجّرتْ﴾ أي : أُحميت، أو مُلئت وفُجر بعضها إلى بعض، حتى تصير بحراً واحداً، كما قال تعالى :﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ﴾ [الأنفطار : ٣]، من سَجر التنّور : إذا ملأه بالحطب، وقيل : يُقذف بالكواكب فيها، ثم تُضرم فتصير نيراناً، فمعنى " سُجِّرتْ " حينئذ : قُذف بها في النار، وقد ورد أنّ في النار بحاراً من نار.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٤٦
وإِذا النفوس زُوِّجتْ﴾
أي : قُرنت بأجسادها، أو : قرنت بشكلها، الصالح مع الصالح في الجنة، والطالح مع الطالح في النار، أو : بكتابها، أو بعملها، أو : نفوس المؤمنين بالحُور، ونفوس الكافرين بالشياطين. ﴿وإِذا الموؤدةُ﴾ أي : المدفونة حية، وكانت العرب تئد البنات مخافة الإملاق، أو لخوف العار بهم من أجلهن، وقيل : كان الرجل إذا وُلد له بنت ألبسها جبة من صوف أو شعر، حتى إذا بلغت ست سنين ذهب بها إلى الصحراء، وقد حفر لها حفرة، فيلقيها فيها، ويهيل عليها التراب. وقيل : كانت الحامل إذا اقترتب، حفرت حفرة، فتمتخض عليها، فإذا ولدت بنتاً رمت بها، وإذا ولدت ابناً ضَمّته، فإذا كان يوم القيامة ﴿سُئِلَتْ بأيّ ذنبٍ قُتلتْ﴾، وتوجيه السؤال لها لتسليتها، وإظهار كمال الغيظ والسخط لوائدها، وإسقاطه عن درجة الخطاب، والمبالغة في تبكيته. وفيه دليل على أنَّ أطفال المشركين لا يُعذّبون، وأنَّ التعذيب لا يكون بغير ذنب.


الصفحة التالية
Icon