﴿وإِذا الصُحفُ نُشِرَتْ﴾ أي : صُحف الأعمال، فإنها تُطوى عند الموت وتُنشر عند الحساب، قال ﷺ :" يُحشرُ الناس يوم القيامةِ حُفَاةً عراة " فقالت أمُ سلمة : فكيف بالنساء ؟ ! فقال :" شُغِل الناسُ يا أم سلمة " فقالت : وما شغلهم ؟ فقال :" نَشْرُ الصُّحُفِ، فيها مثاقيلُ الذرِّ، ومثاقيلِ الخَرْدل " وقيل : نُشرت : فُرقت على أصحابها، وعن مرثد بن وَداعة : إذا كان يوم القيامة تطايرت الصُحف من تحت العرش، فتقع صحيفة المؤمن في يده في جنة عالية، وتقع صحيفة الكافرين في يده في سموم وحميم، أي : مكتوب فيها ذلك، وهذه صحف غير الأعمال.
﴿وإِذا السماءُ كُشِطَتْ﴾، قُطعت وأزيلت، كما يُكشط الجلد عن الذبيحة، والغطاء عن الشيء المستور، ﴿وإِذا الجحيمُ سُعِّرتْ﴾ أي : أوقدت إيقاداً شديداً، غضباً على العصاة، ﴿وإِذا الجنة أُزْلِفَتْ﴾ أي : قُربت من المتقين، كقوله تعالى :﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ [قَ : ٣١].
عن ابن عباس رضي الله عنه : إن هذه ثِنتا عشرة خصلة، ستٌّ في الدنيا، فيما بين
٢٤٧
النفختين، وهن من أول السورة إلى قوله تعالى :﴿وإذا البحار سُجرتْ﴾ على أنَّ المراد بحشر الوحوش : جمعها من كل ناحية، لا حشرها للقصاص، وستٌّ في الآخرة، أي : بعد النفخة الثانية. والمشهور من أخبار البعث : أنَّ تلك الخصال كلها بعد البعث، فإنَّ الشمس تدنو من الناس في الحشر، فإذا فرغ من الحساب كُوِّرت، والنجوم إنما تسقط بعد انشقاق السماء وطيها، وأمّا الجبال ففيها اختلاف حسبما تقدّم، وأمّا العِشار فلا يتصور إهمالها إلاَّ بعد بعث أهلها.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٤٦