مقابلة الفُجَّار، وعن الحسن : البرّ : الذي لا يؤذي الذرّ، ﴿لفي عليين﴾، قال الفراء : هو اسم على صيغة الجمع لا واحد له، وقيل : واحده " عِلِّيّ "، و " علِّيه " وأيًّا ما كان فهو موضع في أعلى الجنة، يسكنه المقربون. قال ابن عمر رضي الله عنه : إنّ أهل عليين لينظرون إلى أهل الجنة من كوى، فإذا أشرف رجل أشرقت له الجنة، وقالوا : قد اطلع علينا رجل من أهل عليين، وقال في البدور :" إنَّ الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه، فلا تبقى خيمة من خيام الجنة إلا ويدخلها ضوء من وجهه، حتى إنهم يستنشقون ريحه ويقولون : واهاً لهذه الريح الطيبة.. " الحديث.. وتقدّم قوله ﷺ :" أكثر أهل الجنة البُله، وعليون لذوي الألباب " وانظره في سورة المجادلة، وفي حديث البراء : قال النبي ﷺ :" عليون في السماء السابعة تحت العرش " وفيه ديوان أعمال السعداء، فإذا عمل العبدُ عملاً صالحاً عرج به وأثبت في ذلك الديوان، وقد رُوي في الأثر :" أن الملائكة تصعد بصحيفةٍ فيها عمل العبد، فإن رضيه الله قال : اجعلوه في عليين وإن لم يرضه قال : اجعلوه في سجين ". ثم نوّه بقَدْره فقال :﴿وما أدراك ما عليون كتابٌ مرقومٌ﴾ أي : موضع كتاب، أو فيه كتاب مرقوم ﴿يشهده المقربون﴾ أي : الملائكة المقربون، أو أرواح المقربين ؛ لأنَّ عليين محل الكروبيين وأرواح المقربين. ﴿إِنَّ الأبرار﴾ من أهل اليمين ﴿لفي نعيمٍ﴾ عظيم، ﴿على الأرائك﴾ ؛ على الأسرّة في الحِجال، ﴿ينظرون﴾ إلى كرامة الله ونِعمه التي أولاهم، أو : إلى أعدائهم يعذّبون في النار، وما تحجب الحجال أبصارهم عن الإدْراك، ﴿تعرف في وجوههم نضرةَ النعيم﴾ أي : بهجة التنعُّم وطراوته ورونقه. والخطاب لكل أحد مما له حظ من الخطاب للإيذان بأنَّ حالهم من أثر النعمة وأحكام البهجة، بحيث لا يختص برؤيته راءٍ دون راءٍ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٦٢