يستحلفهن : ما خرجن من بُغض زوْج، ولا رغبة من أرض إلى أرض، ولا التماسَ دُنيا، ولا عشقًا لرجل منا بل حبًّا لله ورسوله. وقد كان ﷺ صالح أهلَ مكة على أنَّ مَنْ أسلم منهم يَرُده إليهم، فجاءت " سُبيْعَةُ بنت الحارث " مُسْلِمةً بعد الفراغ من الكتاب، فقال زوجها : اردد عليّ امرأتي، فنزلت، فاستحلفها ﷺ بما تقدّم، فحلفت، فلم يردها عليه، وأعطى مهرها زوجَها، فتزوجها عمرُ، فكان ﷺ يَرُد مَن جاء من الرجال، ولا يَرُد النساء. وعن ابن عباس : امتحانها : أن تقول : أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسول الله.
﴿اللهُ أعلم بإِيمانهن﴾، لأنه المُطّلع على قلوبهن. وفيه إشارة إلى التخفيف في الامتحان، وأنه ليس المطلوب غايته لتصلوا إلى العلم، بل ما يحصل به الظن القوي، وأما العلم فخاص بالله تعالى. ﴿فإِن عَلِمْتُموهن مؤمناتٍ﴾، العلم الذي تبلغه طاقتكم، وهو الظن القوي، بظهور الأمارات. وتسمية الظن علمًا يُؤذن بأنَّ الظن الغالب، وما يفضي إليه القياس، جارٍ مجرى العلم، وصاحبه غير داخل في قوله :﴿وَلآ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمُ﴾ [الإسراء : ٣٦]. قاله النسفي. ﴿فلا تَرْجِعُوهنَّ إِلى الكفار﴾ أي : إلى أزواجهن الكفرة، ﴿لا هُنَّ حِلٌّ لهم، ولا هم يَحِلُّونَ لهن﴾، تعليل للنهي، أي : حيث خرجت مسلمة حَرُمت على المشرك. والتكرير إما لتأكيد الحرمة، أو الأول : لبيان زوال النكاح الأول، والثاني : لبيان امتناع النكاح الجديد، ما دام مشركاً، فإنْ أسلم في عِدتها كان أولى بها.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٧