وآتوهم ما أنفقوا} أي : أعطوا أزواجَهن مثلَ ما دفعوا من المهور، ﴿ولا جُناحَ عليكم أن تَنكحوهن﴾، فإنَّ إسلامهن حالَ بينهن وبين أزواجهن الكفار، ﴿إِذا آتيتموهن أُجورهنَّ﴾ ؛ مهورهن ؛ لأنّ المهر أجر البُضْع، وبه احتجّ أبو حنيفة على ألاّ عِدَّة على المهاجِرة. قال الكواشي : أباح تعالى نكاحهن وإن كان لهن أزواج في دار الحرب ؛ لأنَّ الإسلام فرّق بينهن وبين أزواجهن بعد انقضاء العدة، فإن أسلم الزوج قبل انقضاء العدة فهي امرأته عند مالك والشافعي وأحمد، خلافًاً لأبي حنيفة في غير الحامل. هـ. ﴿ولا تُمسكوا بِعِصَم الكوافرٍ﴾، العصمة : ما يعتصم به من عقدٍ وسبب. والكوافر : جمع كافرة، وهي التي بقيت في دار الحرب، أو : لحقت بدار الحرب مرتدةً، أي : لا يكن بينكم وبين النساء الكوافر عصمة ولا عُلقة زوجية. قال ابن عباس رضي الله عنه : مَن كانت له امراة كافرة بمكة فلا يعتَدنَّ بها من نسائه ؛ لأنَّ اختلاف الدارين قطع عصمتها منه. ولمّا نزلت الآية طلَّق عمرُ رضي الله عنه امرأتين كانتا له بمكة، قُرَيْبَة بنت أبي أمية، وأم كلثوم الخزاعية.
﴿واسألوا ما أنفقتم﴾ من مهور أزواجكم اللاحقات بالكفار، أي : اطلبوه من الكفرة، ﴿وَلْيَسْألوا ما أنفقوا﴾ من مهور نسائهم المهاجرات ممن تزوجها منا. ﴿ذلكم حُكْمُ الله﴾ أي : جميع ما ذكر في هذا الآية. وقوله :﴿يحكم بينكم﴾ : كلام مستأنف أو : حال من " حُكم الله " على حذف الضمير، أي : يحكمه الله، وجعل الحُكْم حاكماً على
٢٨
المبالغة وقال :" يحكم " مستقبلاً، مع أن الحكم ماضٍ باعتبار ظهور متعلقة، ﴿واللهُ عليم حكيمٌ﴾ يشرع ما تقتضيه الحكمة البالغة.