يقول الحق جلّ جلاله :﴿يا أيها الإِنسانُ﴾ خطاب الجنس ﴿إِنك كادِحٌ إِلى ربك كَدْحاً فمُلاقِيهِ﴾ أي : جاهدٌ جادٌّ في السير إلى ربك. فالكدح في اللغة : الجد والاجتهاد، أي : إنك في غاية الاجتهاد في السير إلى ربك، لأنَّ الزمان يطير طيراً وأنت في كل لحظة تقطع حظًّا من عمرك القصير، فإنك سائر مسرع إلى الموت، ثم تلاقي ربك. قال الطيبي عن الإمام : في الآية نكتة لطيفة، وهي : أنها تدل على انتهاء الكدح والتعب للمؤمن بانتهاء
٢٦٩
هذه الحياة الدنيوية، ويحصل بعد ذلك محض سعادته وراحته الأبدية. هـ.
قلتُ : إن كان كدحه في طلب مولاه ؛ حصل له بعد موته دوام الوصال، وصار إلى روح وريحان، وجنات ورضوان، وإن كان كدحه في طلب الحُور والقصور، بُشّر بدوام السرور، وربما اتصلت روحه بما كان يتمنى، وإن كان كدحه في طلب الدنيا مع إقامة الدين أفضى إلى الراحة من تعبه، وإن كان في طلب الحظوظ والشهوات مع التقصير، انتقل من تعب إلى تعبٍ، والعياذ بالله. وقال أبو بكر بن طاهر : إنك تُعامل ربك معاملة ستعرض عليك في المشهد الأعلى، فاجتهد ألاَّ تخجَل من معاملتك مع خالقك. أهـ.


الصفحة التالية
Icon