ثم فصّل ما يلقى بعد اللقاء فقال :﴿فأمّا مَن أوتي كتابه بيمينه﴾ أي : كتاب عمله ﴿فسوف يُحاسب حساباً يسيراً﴾ ؛ سهلاً هيناْ، وهو الذي يُجازي على الحسنات ويتجاوز عن السيئات. وفي الحديث :" مَن يحاسَب عُذِّب " فقيل له : فأين قوله تعالى :﴿فسوف يُحاسب حساباً يسيراً﴾ فقال :" ذلكم العرض، مَن نُوقش الحساب عُذِّب " والعرض : أن يُقال له : فعلتَ كذا وفعلتَ كذا، ثم يُقال له : سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم. ﴿وينقلبُ إِلى أهله﴾ أي : إلى عشيرته إن كانوا مؤمنين، أو : إلى فريق المؤمنين، أو : إلى أهله في الجنة من الآدمية أو الحور والغلمان، أو : إلى مَن سبقه من أهله أو عشيرته، إن قلنا : إنَّ الكتاب يُعطى بمجرد اللقاء في البرزخ، فإنَّ الأرواح بعد السؤال تلحق بأهلها وعشيرتها، حسبما تقدّم في الواقعة. وقوله تعالى :﴿مسروراً﴾ أي : مبتهجاً بحاله، قائلاً :﴿هَآؤُمُ اقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ﴾ [الحاقة : ١٩] أو : مسروراً بلقاء ربه ودوام وصاله.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٦٩
تنبيه : الناس في الحساب على أقسام، منهم مَن لا حساب عليهم ولا عتاب، وهم العارفون المقربون، أهل الفناء في الذات، ومنهم مَن يُحاسب حساباً يسيراً، وهم الصالحون الأبرار، ومنهم مَن يُناقش ويُعذِّب ثم ينجو بالشفاعة، وهم عصاة المؤمنين ممن ينفذ فيهم الوعيد، ومنهم مَن يُناقش ويخلد في العذاب، وهم الكفرة، وإليهم أشار بقوله :