﴿لتَرْكَبُنَّ طبقاً عن طبق﴾ ؛ لتُلاقُن حالاً بعد حال، كل واحدة منها مطابقة لأختها في الشدّة والفظاعة، كأحوال شدائد الموت، ثم القبر، ثم البعث، ثم الحشر، ثم الحساب، ثم الميزان، ثم الصراط. أو : حالاً بعد حال، النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة، ثم الجنين، ثم الخروج إلى الدنيا، ثم الطفولة، ثم الكهولة، ثم الشيخوخة، ثم الهرم، ثم الموت.. وما ذكر بعده آنفاً إلى دخول الجنة أو النار. وقال بعض الحكماء : يشتمل الإنسان من كونه نطفة إلى أن يَهرم على نيف وثلاثين اسماً : نطفة، ثم علقة، ثم مضغة،
٢٧١
ثم عظاماً، ثم خلقاً آخر، ثم جنيناً، ثم وليداً، ثم رضيعاً، ثم فطيماً، ثم يافعاً، ثم ناشئاً، ثم مترعرعاً، ثم مزوِّراً، ثم مراهقاً، ثم محتلماً، ثم بالغاً، ثم حَمَلاً، ثم ملتحياً، ثم مستوفياً، ثم مصعَداً، ثم مجتمعاً ـ والشباب يجمع ذلك ـ ثم مَلْهوراً، ثم كهلاً، ثم أشمط، ثم شيخاً، ثم أشيب، ثم حَوْقلاً، ثم مُقتاتاً، ثم هما، ثم هرماً، ثم ميتاً. وهذا معنى قوله :﴿لتَرْكَبُنَّ طبقاً عن طبق﴾. هـ. من الثعلبي. أو : لتركبن سنن مَن قبلكم، حالاً بعد حال.
هذا على مَن قرأ بضم الباء، وأمّا مَن قرأ بفتحها فالخطاب إمّا للإنسان المتقدم، فيجري فيه ما تقدّم، أو : للنبي ﷺ، أي : لتركبَن مكابدة الكفار حالاً بعد حال، أو : لتركبَن فتح البلاد شيئاً بعد شيء، أو : لتركبَن السماوات في الإسراء، سماء بعد سماء. أو : لتركبَن أحوال أيامك، حالاً بعد حال، حال البعثه، ثم حال الدعوة، ثم حال الهجرة، ثم حال الجهاد وفتح البلاد، ثم حال الحج وتوديع العباد، ثم حال الرحيل إلى دار المقام، ثم حال الشفاعة، ثم حال المقام في دار الكرامة. فالطبق في اللغة يُطلق على الحال، كما قال الشاعر :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٧١
الصبر أجمل والدنيا مفجعةٌ
مَن ذا الذي لم يزوّر عيشه رنقا
إذا صفا لك من مسرورها طبق