الإشارة : أقسم تعالى بنور بداية الإيمان ونهايته، وما اشتمل عليه ليل الحجاب من أنواع العُمال، فقال تعالى " فلا أُقسم بالشفق " ؛ بنور بداية الإيمان، الذي هو كبياض الشفق، " والليل وما وسق " ؛ وليل الحجاب، وما اشتمل عليه من العُبّاد والزُهّاد والأبرار والعلماء الأتقياء، وقمر الإيمان إذا جنح نوره، وقَوِيَ دليله " لتَركبُن " أيها السالكون، طبقاً عن طبق ؛ حالاً بعد حال، حتى تنتهوا إلى شمس العيان، فأول الأحوال : حال التوبة، ثم حال اليقظة، ثم حال المجاهدة في خرق عوائد النفس، ثم حال المراقبة، ثم حال الاستشراف، على الحضرة، ثم حال المشاهدة، ثم حال المعاينة، ثم حال المكالمة، ثم حال الترقِّي إلى ما لا نهاية له. فما لهم، أي : لأهل الإنكار، لا يؤمنون بسلوك هذا الطريق، وإذا قُرىء عليهم القرآن الدالّ على هذا المنهاج لا يخضعون ولا يتدبرونه حق تدبيره، بل الذين كفروا بطريق الخصوص، يُكّبون بها. والله أعلم بما يوعون في قلوبهم من الأمراض والعيوب، أو من الإنكار، فبشِّرهم بعذاب البُعد والحجاب، إلاَّ الذين آمنوا وصدّقوا بطريق الخصوص، وسَلَكوها معهم، لهم آجر، وهو مقام الشهود، غير ممنون ؛ غير مقطوع، بل تترادف الأنوار والأسرار والكشوفات إلى غير نهاية، أو : غير ممنون به، بل مواهب من الله بلا مِنّة. وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
٢٧٣
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٧١


الصفحة التالية
Icon