سورة البروج
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٧٣
يقول الحق جلّ جلاله :﴿والسماءِ ذات البروج﴾ الأثني عشر، وهي الحَمَل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت. شُبهت بالقصور لأنها تنزلها السيارة، وتكون فيها الثوابت ومنازل القمر، أو : عُظْم الكواكب، سُميت بروجاً لظهورها، من : التبرُّج، أي الظهور، أو : أبواب السماء، فإنَّ النوازل تخرج منها، ﴿واليومِ الموعودِ﴾ أي : يوم القيامة.
﴿وشاهدٍ ومشهودٍ﴾ أي : وشاهد في ذلك اليوم ومشهود فيه، والمراد بالشاهد : مَن يشهد فيه من الخلائق كلهم، وبالمشهود فيه : ما في ذلك اليوم من عجائبه وأهواله، إذا أُريد بالشهود : الحضور، وإذا أريد الشهادة، فيُقَدّر المعمول، أي : مشهود عليه أو مشهود به. وقد اضطربت الأقوال في الشاهد والمشهود، فقيل : الشاهد : أمة محمد ﷺ، والمشهود : سائر الأمم ؛ لأنه يشهدون عليهم كما تقدّم وقيل : الشاهد : عيسى
٢٧٦
عليه السلام، والمشهود : أمته، لقوله :﴿وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ﴾ [المائدة : ١١٧]، وقيل : الشاهد : جميع الأنبياء، والمشهود : أممهم، وقيل : الشاهد : الملائكة الحفظة، والمشهود : الناس، لأنهم يشهدون عليهم يوم القيامة. وقيل : الشاهد : الجوارح، والمشهود عليهم : أصحابها وقيل : الشاهد : الله والملائكة وأولو العلم، والمشهود به : الوحدانية، لقوله تعالى :﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ﴾ [آل عمران : ١٨] الخ. وقيل : الشاهد : جميع المخلوقات، والمشهود به : وجود خالقها وإثبات صفاته من الحياة والقدرة... وغير ذلك.