يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِنّ الذين آمنوا﴾ وصبروا على الإيمان ﴿وعَمِلوا الصالحات﴾ من المفتونين وغيرهم ﴿لهم﴾ بسبب ذلك الإيمان والعمل الصالح ﴿جناتٌ تجري من تحتها الأنهارُ﴾، إن أُريد بالجنات الأشجار فجريان الأنهار من تحتها ظاهر، وإن أُريد بها الأرض المشتملة عليها فالتحتية باعتبار جريها الظاهرة، فإنَّ أشجارها ساترة لساحتها، كما يعرب عنه اسم الجنة. ﴿ذلك هو الفوزُ الكبير﴾ الذي تصغر عنده الدنيا وما فيها من فنون الرغائب بحذافيرها، والفوز : النجاة من الشر والظفر بالخير. والإشارة إمّا إلى الجنة الموصوفة بما ذكر، والتذكير لتأويلها بما ذكر، وإمّا إلى ما يفيده قوله :﴿لهم جنات...﴾ الخ، من حيازتهم لها، فإنَّ حصولها لهم مستلزم لحيازتهم لها قطعاً، وما فيه
٢٧٨
من البُعد للإيذان بعلو درجته، وبُعد منزلته في الفضل. ومحله : الرفع، وخبره : ما بعده.