الإشارة : اعلم أنَّ الحقيقة سماء، والشريعة أرض، والطريقة سُلّم ومعراج يصعد إليها، فمَن لا طريقة له لا عروج له إلى سماء الحقائق، فأقْسَم تعالى بسماء الحقائق، وأرض الشرائع، على حقيّة القرآن، ووصف الحقيقة بالرجع، لأنه يقع الرجوع إليها بالفناء، ووصف أرض الشريعة بالصَدْع ؛ لأنها تتصدّع عن علوم وأنوار تليق بها، ووصف القرآن بالفصل بين الحق والباطل، فمَن طلب الحق من غيره أضلّه الله. ووصفه أيضاً بالجدّ غير منسوب لشيء من الهزل، فينبغي للقارىء عند تلاوته أن يكون على حال هيبة وخشوع، لا يمزج قراءته بشيء من الهزل أو الضحك، كما يفعله جهلة القراء.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٨٣
ثم أمر بالغيبة عن الأعداء، والاشتغال بالله عنهم بقوله :﴿فَمَهِّل الكافرين أمهلهم رويداً﴾، قال بعض العارفين : لا تشتغل قط بمَن يؤذيك، واشتغل بالله يرده عنك، فإنه هو الذي حرَّكه عليك ليختبر دعواك في الصدق، وقد غلط في هذا خلق كثير، اشتغلوا بإذاية مَن آذاهم، فدام الأذى مع الإثم، ولو أنهم رجعوا إلى الله لكفاهم أمرهم. هـ.
وبالله التوفيق. وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
٢٨٤
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٨٣