سورة الأعلى
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٨٤
يقول الحق جلّ جلاله :﴿سَبّح اسمَ ربك﴾ أي : نزّه اسمه تعالى عن الإلحاد فيه، بالتأويلات الزائغة، وعن إطلاقه على غيره بوجهٍ يوجب الاشتراك في معناه، فلا يُسمى به صنم ولا وثن ولا شيء مما سواه تعالى، قال تعالى :﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً﴾ [مريم : ٦٥] فلا يُقال لغيره تعالى : رب وإله، وإذا كان أَمَر بتنزيه اللفظ فتنزيه الذات أحرى، أو : نزّه اسمه عن ذكره لا على وجه الإجلال والإعظام، أو : نزّه ذاته المقدَّسة عما لا يليق بها، فيكون " اسم " صلة. و " الأعلى " صفة لرب، وهو الأظهر. وعُلوه تعالى : قهريته واقتداره، أو : تعاليه عن سمة الحدوث وعن مدارك العقول، فلا يُحيط به وصف واصف أو علم عارف، لا علو مكان. أو صفة للاسم، وعلوه بعلو مسماه، وقيل : قل : سبحان ربي الأعلى. لمّا نزل :﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)﴾ [الواقعة : ٧٤] قال ﷺ :" اجعلوه في ركوعكم " فلما نزل :﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ قال :" اجعلوه في سجودكم " وكانوا يقولون في الركوع : لك ركعت، وفي السجود : لك سجدت، فجعلوا هذا مكانه.
﴿الذي خلق فسَوَّى﴾ أي : خلق كل شيء فسَوَّى خلقه، ولم يأتِ به متفاوتاً غير متلائم، ولكن على إحكام وإتقان، دلالةً على أنه صادر عن عالم حكيم، أو : سَوَّاه على ما يتأتى به كماله ويتيسّر به معاشه، ﴿والذي قَدَّر فهدى﴾ أي : قّدَّر الأشياء في أزله، فهدى
٢٨٥


الصفحة التالية
Icon