ألم تَرَ كيف فعل ربُّك بعادٍ} فإنه استشهاد بعلمه ﷺ بما فعل بعاد وأضرابهم المشاركين لقومه ﷺ في الطغيان والفساد، أي : ألم تعلم علماً يقيناً كيف عذَّب ربُّك عاداً ونظائرهم، فيُعذّب هؤلاء أيضاً لاشتراكهم فيما يوجبه من الكفر والمعاصي، والمراد بعاد : أولاد عاد بن عَوْص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام قوم هود عليه السلام، سُمُّوا باسم أبيهم، وقد قيل لأوائلهم : عاد الأولى، ولآخرهم عاد الآخرة، وقوله تعالى :﴿إِرَمَ﴾ عطف بيان لعاد ؛ للإيذان بأنهم عاد الأولى بتقدير مضاف، أي : سبط إرم، أو : أهل إرم، على ما قيل : من أنَّ إرم اسم بلدتهم أو أرضهم التي كانوا فيها، كقوله :﴿وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف : ٨٢]، ويؤيده قراءة ابن الزبير بالإضافة، ومنعت الصرف للتعريف والتأنيث، قبيلةً، كانت أو أرضاً. وقوله تعالى :﴿ذاتِ العماد﴾ صفة لإِرم، فإذا كانت قبيلة فالمعنى : أنهم كانوا بدويين أهل عمد، أو : طِوال الأجسام على تشبيه قدودهم بالأعمدة، وإن كانت صفة للبلدة، فالمعنى : أنها ذات عماد طِوال لخيامهم على قدر طول أجسامهم، رُوي : أنها كانت من ذهب، فلما أرسل اللهُ عليهم الريح دفنتها في التراب، أو ذات أساطين.