يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِنَّ ربك لبالمرصاد﴾، قال ابن عباس : بحيث يرى ويسمع فلا يعزب عنه شيء، ولا يفوته أحد، فتجب مراقبته لا الغفلة عنه في الانهماك في حب العاجلة، كما أشار إليه بقوله :﴿فأمّا الإنسان..﴾ الخ، فإنه بضد المراد مما تقتضيه حال المراقبة لمَن بالمرصاد. هـ. وأصل المرصاد : المكان الذي يترقّب فيه الرَّصَد، أي : الانتظار، مفعال، من : رصَده، كالميقات من وقته، وهذا تمثيل لإرصاده تعالى بالعصاة، وأنهم لا يفوتونه، قال الطيبي : لمّا بيّن تعالى ما فعل بأولئك الطغاة من قوم عاد وثمود وفرعون، حيث صَبَّ عليهم سوط العذاب، أتبعه قوله :﴿إِنَّ ربك لبالمرصاد﴾ تخلُّصاً، أي : فعل بأولئك ما فعل، وهو يرصد هؤلاء الكفار الذين طغوا على أفضل البشر وسيد الرسل، مما جاء به من الأمر بمكارم الأخلاق ومعالي الأمور، والنهي عن سفسافها، ورذائلها، فيصب عليهم في الدنيا سوط عذاب، ويُعذبهم في الآخرة عذاباً فوق كل عذاب، كما قال :﴿لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ﴾ [الفجر : ٢٥].
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠٠


الصفحة التالية
Icon