ثم فصّل أحوال الناس بعد أن أعلم أنه مطلع عليهم، فقال :﴿فأمّا الإِنسانُ﴾، فهو متصل بما قبله، كأنه قيل : إنه تعالى بصدد مراقبته أحوال عباده ومجازاتهم بأعمالهم خيراً أو شرًّا ﴿فأمّا الإنسان﴾ الغافل فلا يهمه ذلك، وإنما مطمح نظره ومرصد أفكاره الدنيا ولذائذها، ﴿إِذا ما ابتلاه ربُّه﴾ أي : عامله معاملة مَن يبتليه ويختبره ﴿فأكْرَمَه ونَعَّمه﴾، الفاء تفسيرية، فالإكرام والتنعُّم هو عين الابتلاء، ﴿فيقول ربي أكرمنِ﴾ أي : فضّلني بما أعطاني من الجاه والمال حسبما كنت أستحقه، ولا يخطر بباله أنه أعطاه ذلك ليبلوه أيشكر أم يكفر، وهو خبر المتبدأ الذي هو " الإنسان "، والفاء لما في " أمَّا " من معنى الشرط، والظرف المتوسط على نية التأخُّر، كأنه قيل : فأمّا الإنسان فيقول ربي أكرمني وقت ابتلائه بالإنعام، وإنما قدّمه للإيذان من أول مرة بأنّ الإكرام والتنعُّم بطريق الابتلاء. ونقل الرضي أن " إذا " هنا جزائية، فقال : وقد تقع كلمة الشرط مع الشرط في جملة أجزاء الجزاء، ثم استشهد بالآية، وقال : والتقدير : فمهما يكن من شيء فإذا ابتلاه يقول. هـ. وقال المرادي : إذا توالى شرطان دون عطف فالجواب لأولهما، والثاني مقيد للأول، كتقييده بحال واقعة موقعه، ثم استشهد بما حاصله في الآية : فأمّا الإنسان حال كونه مبتلى فيقول... الخ، فالشرط الثاني في معنى الحال، والحال لا تحتاج إلى جواب. هـ. مختصراً انظر الحاشية الفاسية.
٣٠٠


الصفحة التالية
Icon