﴿ووالدٍ وما وَلَد﴾ أي : وآدم وجميع ولده، أو نوح وولده، أو إبراهيم وولده، أو إسماعيل ونبينا ﷺ، ويؤيده أنه حَرَمُ إبراهيم ومنشأ إسماعيل، ومسكن نبينا محمد ﷺ، أو محمد ﷺ وولده، أو جنس كل والد ومولود. ﴿لقد خلقنا الإِنسانَ﴾ أي : جنسه ﴿في كبدٍ﴾ ؛ في تعب ومشقة، فإنه لا يزال يُقاسي فنون الشدائد من وقت نفخ الروح إلى حين نزعها، يُكابد مشاق التعلُّم، ثم مشاق القيام بأمور الدين وأمور معاشه وهموم دنياه وآخرته، ثم يكابد نزع روحه، ثم سؤاله في قبره، ثم تعب حشره، ومقاساة شدائد حسابه، ثم مروره على الصراط، فلا راحة له إلاّ بعد دخول الجنة لتكون حلوة عنده، هذا في عموم الناس، وأمّا خواص العارفين فقد استراحوا حين وصلوا إلى معرفة الحق، فأسقطوا عنهم الأحمال ؛ لتحققهم أنهم محمولون بالقدرة الأزلية، فلما أَسقطوا حِمْلَهم قام الله بأمرهم، لقوله :﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق : ٣]، يقال : كَبِدَ الرجل كَبَداً : إذا وجعت كبده من مرض أو تعب.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠٤


الصفحة التالية
Icon