جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣١٣
والآية نزلت في أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه حين اشترى بلالاً في جماعة كان المشركون يؤذونهم، فأعتقهم. ولذلك قالوا : المراد بالأشقى : أبو جهل وأمية بن خلف. وعن ابن عباس رضي الله عنه : عذَّب المشركون بلالاً، وبلالٌ يقول : أَحَدٌ أَحَدٌ، فمرّ به النبيُّ ﷺ فقال :" ينجيك أحد أحد " ثم أخبر النبيُّ ﷺ أبا بكر، وقال له :" إنَّ بلالاً يُعذَّب في الله " فعرف مراده، فاشتراه برطل من ذهب، وقيل : اشتراه بعبدٍ كان عنده اسمه " نسطاس " وكان له عشرة آلاف دينار وغلمان وجواري، وكان مشركاً، فقال له الصدِّيق : أسْلِم ولك جميع مالك، فأبى، فدفعه لأمية بن خلف، وأخذ بلالاً، فأعتقه، فقال المشركون : ما أعتقه إلا ليدٍ كانت له عنده، فنزلت. رُوي أنه اشتراه، وهو مدفون بالحجارة، يُعَذَّب على الإسلام، قال عروة : أَعتق أبو بكر سبعة، كلهم يُعذب في الله، بلال وعامر بن فهيرة، والنجدية وبنتها، وزِنِّيرة، وبيرة، وأم عُبيس، وأمة بني المؤمِّل. قال : وأسْلَم وله أربعون ألفاً، فأنفقها كلها في سبيل الله. وقال ابن الزبير : كان أبو بكر يشتري الضعفة فيعتقهم، فقال له أبوه : لو كنت تبتاع مَن يمنع ظهرك، فقال : مَنْعَ ظهري أريد، فنزلت فيه :﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى (١٧)﴾ [الليل : ١٧] الآية. واسمه : عبد الله بن عثمان، وكان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة، فسمّاه الرسولُ ﷺ عبد الله.
وقوله تعالى :﴿ولسوف يرضى﴾ جواب قسم مضمر، أي : والله لسوف نُجازيه فيرضى، وهو وعد كريم لنيل جميع ما يبتغيه على أفضل الوجوه وأكملها، إذ به يتحقق رضاه، وهو كقوله لنبيه ﷺ :﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىا (٥)﴾ [الضحى : ٥].