الإشارة : إنّ علينا لبيان الطريق لِمن طلب الوصول إلى عين التحقيق، فإنا أنزلنا كتاباً ما فرطنا فيه من شيء، وبعثنا رسولاً يهدي إلى الرشد، وجعلنا له خلفاء في كل زمان،
٣١٤
يهدون بأمرنا إلى حضرة قدسنا، وإنَّ لنا للآخرةَ لِمن طلبها، والأوُلى لِمن طلبها، وأظهرنا أسرار ذاتِنا لمَن طلبها، فأنذرتكم ناراً تلظى، وهي نار البُعد لا يصلاها إلاّ الأشقى، الذي سبق له البُعد منا. ﴿الذي كذَّب وتولَّى﴾، قال القشيري : أي كذَّب الحق في مظاهر الأولياء والمشايخ وأرباب السلوك، وأعْرَض عن قبول إرشادهم ونصائحهم، وعن استماع معارفهم ومواجيدهم الكشفية الشهودية، وسيُجنبها الأتقى، أي : يُجنب طريق البُعد ونار الحجاب مَن اتقى السِّوى، الذي يؤتى ماله تقرُّباً إلى الله ليتزكّى من العيوب والأنانية، ﴿وما لأحدٍ عنده من نعمة تُجزى﴾ أي : ليس إحسانه في مقابلة حرف ﴿إلاّ ابتغاء وجه ربه الأعلى﴾ أي : إلاّ طلب معرفة ذاته العلية، ﴿ولَسَوف يَرضى﴾ بدوام شهود الذات الأقدس. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
٣١٥
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣١٣