﴿وَوَجَدَك ضالا﴾ ؛ غافلاً عن الشرائع التي لا تهتدي إليها العقول، ﴿فَهَدَى﴾ ؛ فهداك إليها، كقوله :﴿مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ﴾ [الشورى : ٥٢]. وقال القشيري : أي : ضالاًّ عن تفصيل الشرائع فهديناك إليها، وعَرَّفناك تفصيلَها. هـ. أو : ضالاً عما أنت عليه اليوم من معالم النبوة، ولم يقل أحد من المفسرين : ضالاًّ عن الإيمان. قاله عياض : وقيل : ضلّ في صباه في بعض شِعاب مكة، فردّه أبو جهل إلى عبد المطلب، وقيل : ضلّ مرة أخرى، وطلبوه فلم يجدوه، فطاف عبد المطلب بالكعبة سبعاً، وتضرّع إلى الله، فسمعوا هاتفاً يُنادي من السماء : يا معشر الناس، لا تضجُّوا، فإنَّ لمحمدٍ ربَّا لا يخذله ولا يُضيّعه. وأنَّ محمداً بوادي تهامة عند شجرة السمر، فسار عبد المطلب وورقة بن نوفل، فإذا النبي ﷺ قائم تحت شجرة، يلعب بالإغصان والأوراق. وقيل : أضلته مرضعته حليمة عند باب الكعبة حين فطمته، وجاءت به لترده على عبد المطلب، وقيل : ضلّ في طريق الشام حين خرج به أبو طالب، يُروى أن إبليس أخذ بزمام ناقته في ليل ظلماء، فعدل به عن الطريق، فجاء جبريلُ عليه السلام، فنفخ إبليسَ نفخة وقع منها إلى أرض الهند، وردّه إلى القافلة. وقوله تعالى :﴿فَهَدَى﴾ أي : فهداك إلى منهاج الشرائع المنطوية في تضاعيف ما يُوحى إليك من الكتاب المبين، وعلَّمك ما لم تكن تعلم. ﴿ووجدك عائلاً﴾ ؛ فقيراً من حس الدنيا، ﴿فأَغْنَى﴾ ؛ فأغناك به عما سواه، وزوّجك خديجة، فقامت بمؤونة العيش، أو بما أفاء عليك من الغنائم، قال ﷺ :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣١٧


الصفحة التالية
Icon