ثم هدّد الإنسان وحذّره من عاقبة الطغيان، على طريق الالتفات، فقال :﴿إِنَّ إِلى ربك الرُّجعى﴾ أي : الرجوع، فيجازيك على طغيانك. ﴿أرأيت الذي ينهَى عبداً إِذا صلَّى﴾ أي : أرأيت أبا جهل ينهى محمداً ﷺ عن الصلاة، وهو تشنيع بحاله، وتعجيب منها، وإيذان بأنه من البشاعة والغرابة بحيث يراها كل مَن يأتي منه الرؤية. رُوي أنَّ أبا جهل كان في ملأ من قريش، فقال : لئن رأيت محمداً لأطأنّ عنقه، فرأه ﷺ في الصلاة، فجاءه، ثم نكص على عقبيه، فقالوا : مالك ؟ فقال : حال بيني وبينه خندق من نار وهول وأجنحة، فنزلت، فقال ﷺ :" لو دنا من لاختطفته الملائكة ". وتنكير العبد تفخيم لشأنه ﷺ، والرؤية هنا بصرية، وأمّا في قوله :﴿أرأيت إن كان على الهدى أو أّمَرَ بالتقوى﴾ وفي قوله :﴿أرأيتَ إِن كَذَّب وتولَّى﴾ فعلمية، أي : أخبرني فإنَّ الرؤية لمَّا كانت سبباً للإخبار عن المرائي أجرى الاستفهام عنها مجرى الاستخبار عن متعلقها. والخطاب لكل مَن يصلح للخطاب.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٢٨


الصفحة التالية
Icon