قال في الكشاف : قوله تعالى :(الذي ينهى) هو المفعول الأول لقوله :(أرأيت) الأول، والجملة الشرطية بعد ذلك في موضع المفعول الثاني، وكررت (أرأيت) بعد ذلك للتأكيد، فلا تحتاج إلى مفعول. وقوله :﴿ألم يعلم بأنَّ الله يرى﴾ هو جواب قوله :﴿إن كذَّب وتولى﴾، وجواب قوله :﴿إن كان على الهدى﴾ محذوف، يدل عليه جواب قوله :﴿إن كذَّب وتولى﴾ فهو في المعنى جواب للشرطين معاً. والضمير في قوله :﴿إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى﴾ للناهي، وهو أبو جهل، وكذا في قوله :﴿إن كذَّب وتولَّى﴾، والتقدير على هذا : أخبرني عن الذي ينهى عبداً إذا صلّى إن كان هذا الناهي على الهدى أو إن كَذّب وتولّى، ألم يعلم بأنّ الله يرى جميع أحواله، فمقصود الآية : تهديد له وزجر، وإعلام بأنّ الله يراه. وخالفه ابن عطية في الضمائر، فقال : إنَّ الضمير في قوله :﴿إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى﴾ للعبد الذي صلَّى، وأنّ الضمير في قوله :﴿إن كذَّب وتولّى﴾ للناهي، وخالفه في جعل " أرأيت " الثانية مكررة للتأكيد، فقال :" أرأيت " في المواضع الثلاثة توقيف، وأنّ جوابها في المواضع الثلاثة : قوله :﴿ألم يعلم
٣٢٩
بأن الله يرى﴾
فإنه يصلح مع كل واحدة منها، ولكنه جاء في آخر الكلام اقتصاراً. انظر ابن جزي. وما قاله ابن عطية أظهر، فكأنه تعالى حاكِمٌ قد حضره الخصمان، يُخاطب هذا مرة والآخر أخرى، وكأنه قال : يا كافر إن كانت صلاته هُدى ودعاؤه إلى الله أمراً بالتقوى، ثم أقبل على الآخر، فقال : أرأيت إن كذَّب. الخ.
وقال الغزنوي : جواب ﴿إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى﴾ محذوف، تقديره : أليس هو على الحق واتباعه واجب، يعني : فكيف تنهاه يا مكذّب، متولي عن الهدى، كافر، ألم تعلم أن الله يراك. هـ.


الصفحة التالية
Icon