من العدسة، وأصغر من الحمّصَةِ، فكان الحجرُ يقع على رأس الرجل، ويخرج من دُبره، وعلى كل حجر اسم مَن يقع عليه، ففرُّوا وهلكوا في كل طريق ومنهل، ورُمي أبرهة فتساقطت أنامله وآرابه، وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه، وانفلت وزيره " أبو يسكوم "، وطائر يُحلّق فوقه، حتى بلغ النجاشي، فقصّ عليه القصة، فلما أتمها وقع عليه الحجر، فخرّ ميّتاً بين يديه.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٥٤
ورُوي : أن أبرهة أخذ لعبد المطلب مائتي بعير، فخرج إليه في شأنها، فلما رآه أبرهة عَظُمَ في عينه، وكان وسيماً جسيماً، فقيل له : هذا سيّد قريش، وصاحب عير مكّة، الذي يُطعم الناس في السهل، والوحوش في رؤوس الجبال، فنزل أبرهة عن سريره، وجلس معه على بساطه، وقيل : أَجلسه معه، وقال لترجمانه : قل له : ما حاجتك ؟ فلما ذكر له حاجته، وهو : أن يرد إليه إبله، قال : سَقَطت من عيني، جئتُ لأهدم البيت، الذي هو دينك ودين آبائك، وعِصمتكم، وشرفكم في قديم الدهر، لا تكلمني فيه، ألهاك عه ذود أُخذت لك ؟ فقال عبد المطلب : أنا ربّ الإبل، وإنَّ للبيت ربًّا يحيمه، قال أبرهة : ما كان ليحميه مني، فقال : ها أنت وذلك. ثم رجع وأتى باب الكعبة، وأخذ بحلقته، ومعه نفر من قريش، فدعوا الله عزّ وجل، فالتفت وهو يدعو، فإذا هو بطير من نحو اليمن، فقال : والله إنها لطير غريبة، ما هي نجدية ولا تهامية، فأرسل حلقة الباب، ثم انطلق مع أصحابه ينظرون ماذا يفعل أبرهة، فأرسل الله تعالى عليهم الطير، فكان ما كان.
وقيل : كان أبرهة جد النجاشي، الذي كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وعن عائشة رضي الله عنها : رأيت قائد الفيل وسائقه أعميَيْن مُقعدين يستطعمان.


الصفحة التالية
Icon