ساهون عنها سهو ترك وقلة مبالاة والتفات إليها، ولو قال " في صلاتهم " كان المعنى : أنّ السهو يعتريهم وهم في الصلاة، والخلوص من هذا شديد. وقيل " عن " بمعنى " في "، أي : في صلاتهم ساهون. ثم قال عن ابن عطاء : ليس في القرآن وعيد صعب إلاّ وبعده وعيد لطيف، غير قوله :﴿فويل للمصلِّين..﴾ الآية، ذكل الويل لمَن صلاّها بلا حضور في قلبه، فكيف بمَن تركها رأساً ؟ فقيل له : ما الصلاة ؟ فقال : الاتصال بالله من حيث لا يعلم إلاّ الله. ثم قال الكواشي : ومما يدل على أنَّ مَن شَرَعَ في الصلاة خالصاً لله، واعترضه السهو مع تعظيمه للصلاة ولشرائع الإسلام، ليس بداخل مع هؤلاء : أنه وصفهم بقوله :﴿الذين هم يراؤون﴾. ثم قال : وفي اجتناب الرياء صُعوبة عظيمة، وفي الحديث :" الرياء أخفى من دبيب النملة السوداء، في الليلة الظلماء، على المسح الأسود " وقال بعضهم : هم الذين لا يُخلصون لله عملاً، ولا يُطالبون أنفسهم بحقيقة الإخلاص، ولا يَرِد عليهم وارد من ربهم يقطعهم عن رؤية الخلق والتزيُّن لهم. هـ.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٥٩
ويمنعون الماعُونَ﴾
قيل : الماعون : كل ما يُرتفق به، كالفأس والماء والنار، ونحوها، أي : الماعون المعروف كله، حتى القِدْر والقصعة، أو : ما لا يحل منعه، كالماء والملح والنار، قالوا : ومَنْع هذه الأشياء محظور شرعاً، إذا استعيرت عن ضرورة، وقُبْح في المروءة إذا استعيرت في غير حال الاضطرار. قال عكرمة : ليس الويل لمَن منع هذه الأشياء، إنما الويل لمَن جمعها فراءى في صلاته وسهى عنها، ومَنَع هذه الأشياء. هـ.
قال ابن عزيز : الماعون في الجاهلية : كل عطية ومنفعة، والماعون في الإسلام : الزكاة والطاعة، وقيل : هو ما ينتفع به المسلم من أخيه، كالعارية والإغاثة ونحوهما، وقيل : الماعون : الماء، نقله الفراء، وفي البخاري : الماعون : المعروف كله، أعلاه الزكاة، وأدناه عارية المتاع. والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon