جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٤
فإِذا قُضِيَتِ الصلاةُ} أي : أُدّيت وفرغ منها ﴿فانتشِرُوا في الأرض﴾، أمْرُ إباحة، أي : اخرجوا لإقامة مصالحكم، ﴿وابتغوا من فضل الله﴾ ؛ الرزق، قال ابن عباس :" إنما هي عيادة المريض، وحضور الجنائز، وزيارة أخ في الله " ومثله في الحديث، وعن الحسن : طلب العلم، وقيل : صلاة التطوُّع. ﴿واذكروا اللهَ كثيراً﴾، أي : ذكراً كثيراً، أو زمناً كثيراً، ولا تخصُّوا ذكره بالصلاة، ﴿لعلكم تُفلحون﴾ أي : كي تفوزوا بخير الدارين.
﴿وإِذا رأَوْا تجارةً أو لهواً انفَضُّوا إِليها﴾، رُوي أنّ أهل المدينة أصابهم جوع وغلاء شديد، فقَدِم دِحْيَة بن خَليفةَ، بتجارة من زيت الشام، والنبيُّ ﷺ يخطب يوم الجمعة، فقاموا إليها ؛ خشية أن يُسبقوا إليه، فما بقي معه عليه السلام إلاّ ثمانية، أو اثنا عشر ؛ العشرة المبشَّرون بالجنة، وبلال وابن مسعود، وقيل : أربعون، وهذا مبنى الخلاف في عدد الجماعة التي تنعقد بهم وتجب عليهم، فقال مالك : تنعقد باثني عشر غير الإمام، وتجب على قرية يُمكنهم الإقامة والدفع عن أنفسهم في الغالب، وقال الشافعي : أربعون رجلاً وقال أبو حنيفة : لا بد من المصر الجامع، والسلطان القاهر، وتصح الصلاة عنده بأربعة. ولمّا انفضُّوا قال ﷺ :" والذي نفس محمد بيده لو قاموا جميعاً لأضرم الله عليهم الوادي ناراً " وفي مراسيل أبي داود : إنّ الخطبة كانت بعد الصلاة، فتأو‍ّلوا ـ رضي الله عنهم ـ أنهم قد قضوا ما عليهم، فحولت الخطبة بعد ذلك قبل الصلاة. هـ.


الصفحة التالية
Icon