سورة المنافقون
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦
يقول الحق جلّ جلاله :﴿إذا جاءك﴾ أيها الرسول ﴿المنافقون﴾ أي : حضروا مجلسك، ﴿قالوا نشهدُ إِنك لَرسولُ الله﴾، أكدوا بإنَّ واللام ؛ للإيذان بأنَّ شهادتهم هذه صادرة عن صميم قلبهم، وخلوص اعتقادهم، ووفور رغبتهم ونشاطهم، قال تعالى :﴿واللهُ يعلم إِنك لَرسوله﴾ حقيقةً، كما يدل عليه ظاهر كلامهم. والجملة معترضة بين شهادتهم وتكذيبهم بقوله :﴿واللهُ يشهدُ إِنَّ المنافقين لكاذبون﴾، وحكمته : أنه لو لم يذكره لتوهم أنَّ قوله :﴿واللهُ يشهد إِنَّ المنافقين لكاذبون﴾ إبطال للرسالة، فوسطه بين حكاية قول المنافقين وبين تكذيبهم ؛ ليزيل هذا الوهم، ويُحقق الرسالة. وقوله :" لكاذبون " أي : في ادعائهم أنهم قالوا ذلك عن اعتقاد وصميم قلب، كما يُشير إليه ظاهر قولهم. قال القشيري : كذَّبهم فيما قالوا : إنّا نشهد عن بصيرة، ونعتقد تصديقك، فلم يكذبهم في الشهادة، ولكن كذَّبهم في قولهم : إنّا مخلصون مصدِّقون بك. هـ.