﴿اتخَذوا أيمانَهم﴾ الفاجرة ﴿جُنَّةً﴾ ؛ وقاية عما يتوجه إليهم من المؤاخذة بالقتل والسبي، وغير ذلك، واتخاذها جُنَّةً عبارة عن إعدادهم وتهيئهم لها إلى وقت الحاجة، ليحلفوا بها، ويتخلّصوا عن المؤاخذة، ﴿فصَدُّوا﴾ بأنفسهم ﴿عن سبيل الله﴾ وضلُّوا عن طريق الحق، أو : فصّدُّوا مَن أراد الدخول في الإسلام بإلقاء الشُبه، وصدُّوا مَن أراد الإنفاق في سبيل الله بالنهي عنه، كما سيجيء عنهم، ولا ريب أنّ هذا الصدّ منهم متقدم على حلفهم بالفعل، ولذلك عبّر بالاتخاذ. ﴿إِنهم ساء ما كانوا يعملون﴾ من النفاق
٤٧
والصدّ. وفي " ساء " معنى التعجب وتعظيم أمرهم للسامعين.
﴿ذلك﴾ أي : ما تقدّم من قولهم، الناعي عليهم بأنهم أسوأ الناس أعمالاً، أو : ما وصف مِن حالهم في النفاق والكذب والاستتار بالأيمان الفاجرة. ﴿بأنهم﴾ ؛ بسبب أنهم ﴿أمنوا﴾ ؛ نطقوا بكلمة الشهادة، كسائر مَن دخل في الإسلام ﴿ثم كفروا﴾ أي : ظهر كفرهم بما شُوهد منهم من شواهد الكفر ودلائله، أو : نطقوا بالإيمان عند المؤمنين، ونطقوا بالكفر عند شياطينهم، ﴿فطُبعَ على قلوبهم﴾ ؛ ختم عليها، حتى لا يدخلها الإيمان، جزاء على نفاقهم، فتمرّنوا على الكفر، واطمأنوا به، ﴿فهم لا يفقهون﴾ شيئًا، لا يعرفون حقيَّة الإيمان ولا حقيقته أصلاً.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٧


الصفحة التالية
Icon