الإشارة : قد يأتي إلى مشايخ التربية مَن يُنافقهم، طمعًا في الدنيا، فيقول : نشهد إنك لَمن العارفين، أو مِن أهل التربية، مثلاً، فَتَجُر الآيةُ ذيلَها عليه، وقد يكون مذبذباً، تارة تلوح له أنوارُ الولاية، وتارة تَستر عنه، فيُصدّق ثم يرجع، ثم يُطبع على قلبه. قال القشيري :﴿ذلك بأنهم آمنوا﴾ : استضاؤوا بنور الإجابة، فلم يَنْبَسِطْ عليهم شعاعُ نور السعادة، فانطفأ نورُهم بقَهْرِ الحرمان، وبَقوا في ظلمة القسمة السابقة بحكم الشقاوة. هـ. وهنا إشارة أخرى للقشيري، وهو : إذا جاءك أيها الروح الصافية منافق الهوى والنفس الأمّارة، قالوا : نشهد إنك لَرسول الله، أي : كاملة صافية، يُريدون بذلك توقفها عن الترقي باستحسان ما أدركت، والوقوف معه، والله يعلم إنك لَرسوله، حين تصفى، فتكون محل العِلم الرباني، والوحي الإلهامي، والله يشهد إنهم لكاذبون في ادعاء الشهادة بلا حقيقة، اتخذوا أيمانهم جُنَّة، لئلا تكرّ عليهم بأنوارها، فتُخرجهم عن عوائدهم وشهواتهم، فصُدُّوا عن سبيل الله، حيث بقوا مع عوائدهم، أو : فصدُّوا الروح إن صدقتهم وطاوعتهم، ذلك بأنهم أمنوا، حيث ترد عليهم أنوار الواردات، ثم كفروا ؛ رجعوا إلى وطنهم، من الحظوظ، حيث تخمد أنوار الواردات عنهم، فطُبع على قلوبهم، حيث وقفوا مع عوائدهم فهم لا يفقهون : لا يعرفون سر إيجادهم، ولا لماذا خُلقوا. هـ. بالمعنى.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٧