﴿يقولون لئن رجعنا﴾ من غزوة بني الصطلق ﴿إِلى المدينة ليُخْرِجَنَّ الأعَزُّ منها﴾ يعني : نفسه ـ لعنه الله ـ ﴿الأذلَّ﴾ يعني : جانب المؤمنين، وإسناد القول بذلك إلى المنافقين ؛ لرضاهم به، فردّ تعالى عليهم ذلك بقوله :﴿وللهِ العِزَّةُ ولرسوله وللمؤمنين﴾ أي : ولله الغلبة والعزّة، ولِمن أعزّه من رسوله والمؤمنين، لا لغيرهم، كما أنَّ المَذلة والهوان للشيطان وذويه من الكافرين والمنافقين. وعن بعض الصالحات، وكانت في هيئة رثّة من الفقر : ألستُ على الإسلام، وهو العزّ الذي لا ذُلّ معه، والغنى الذي لا فقر معه ؟ وعن الحسن بن عليّ رضي الله عنه : أنّ رجلاً قال له : إنَّ فيك تيهاً ؟ قال : ليس بتيه، ولكنه عزّة، وتلا هذه الآية. هـ.
﴿ولكنَّ المنافقينَ لا يعلمون﴾ ذلك ؛ لفرط جهلهم وغرورهم، فيهذون ما يهذون. رُوي أنَّ ولد عبدالله بن أُبيّ، واسمه عبدالله، وكان رجلاً صالحاً، لَمَّا سمع الآية جاء إلى أبيه، فقال له : أنت والله يا أبت الذليل، ورسول الله العزيز، ووقف على باب السكة التي يسلكها أبوه، وجرّد السيف، ومنعه الدخول، وقال : والله لا دخلتَ منزلك إلاَّ أن يأذن في ذلك رسولُ الله ﷺ، وعبد الله في أذل حال، فبلغ ذلك رسولَ الله ﷺ فبعث إليه :" أن خَلِّه يمضي إلى منزله، وجزاه خيراً " فقال : الآن فنعم. هـ.
٥١