الإشارة : مَن تكبّر عن حط رأسه للأكابر ففيه خصلة من النفاق، والمراد بالأكابر : الأولياء العارفون بالله، مَن تكبّر عنهم مات، وفيه بقية مِن النفاق، إذ لا يخلو منه إلاّ بالتطهير الكبير على أيدي المشايخ، وكذلك مَن منع الناس مِن الإنفاق على أهل النسبة، كائناً ما كانوا، فشُؤمه الحرمان من نسيم أهل الوصلة، ﴿وللّه خزائن السماوات والأرض﴾ أي : خزائن الأرزاق الحسية والمعنوية، فقد يُعطي أحدهما دون الآخر، وقد يعطيهما معاً، أو : يمنعهما معاً، على حسب المشيئة، قال رجل لحاتم الأصم : من أين تأكل ؟ فقال :﴿وللّه خزائن السماوات والأرض﴾ وقال الجنيد : خزائن السماوات : الغيوب، وخزائن الأرض : القلوب، وهم علاّم الغيوب، ومُقلِّب القلوب. وكان الشبلي يقرأ :﴿وللّه خزائن السماوات والأرض﴾ ويقول : فأين تذهبون. هـ. أي : حين تهتمون بالرزق بعد هذه الآية.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٠
ولله العزةُ ولرسوله وللمؤمنين﴾، قال بعضهم : عزة الله : قهره، وعزته لرسوله : إظهاره، وعزتُه للمؤمنين : نصره إياهم على مَن آذاهم. وقيل : عزة الله : الولاية ﴿هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ﴾ [الكهف : ٤٤]، وعزة الرسول : الكفاية والعناية، وعزة المؤمنين : الرفعة والرعاية، وقيل : عزة الله : الربوبية، وعزة الرسول : النبوة، وعزة المؤمنين : العبودية، فإذا أردتَ أيها العبد أن تكون عزيزاً فارفع همتك عن الخلق، وسُد باب الطمع، وتحلَّ بحلية الورع. قال بعضهم : والله ما رأيتُ العزّ إلاَّ في رفع الهمة عن الخلق، وقال آخر : ما قُذِّر لماضغيك أن يمضغاه فلا بدّ أن يمضغاه، فامضغه ـ ويحك ـ بعز، ولا تمضغه بذل. هـ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٠