الإشارة : هو الذي خلقكم، فمنكم كافر بطريق الخصوص، ومنكم مؤمن بها، داخل فيها، أي : فمنكم عام ومنكم خاص. قال القشيري : فمنكم كافرٌ، أي : سائر للحق بالخلق، ومنكم مؤمن، أي : مُصدِّقٌ بظهور الحق في الخلق. ثم قسَّم الناسَ على ثلاثة : مَن لا يرى إلاّ الخلق، وهم أهل الفرق، ومَن لا يرى إلاّ الحق، وهم أهل الجمع، ومَن يرى الحق في الخلق، والخلق في الحق، لا يحجبه أحدُهما عن الآخر، فهم أهل جمع الجمع.
خَلَقَ سماواتِ الأرواح ليُعرف بها، وأرض الأشباح ليُعبد بها، وهو الواحد الأحد، وصوَّركم فأحسن صُورَكم، حيث جعلها جامعة للعوالم العلوية والسفلية ؛ لأنَّ الله تعالى خلق آدم على صورته، وذاته المقدسة جامعة لمظاهر الصفات والأسماء، وتلك المظاهر كلها مجموعة في الصور الآدمية، بخلاف سائر الكائنات، فما في صورتها إلآَّ بعض الأسماء والصفات، فتأمّله. وإليه المصير، أي : وإلى ذاته ترجع جميع الصور والأشكال، فما خرج شيء عن إحاطة الذات والصفات، يعلم ما تُسرُّون من العقائد الصحيحة، وما تُعلنون من العبادات الخالصة، أو : ما تُسرُّون من الكشوفات الذوقية، وما تُعلنون من العبودية الاختيارية، هذا في خاصة أهل الظاهر وأهل الباطن، أو : ما تُسرُّون من العقائد الفاسدة، وما تُعلنون من الأعمال الخبيثة، أو : ما تُسرُّون من الاتحاد أو الحلول، وما تعلنون من العمل والمعلول، وهذا في طالحي الفريقين.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٥
٥٧


الصفحة التالية
Icon