﴿وأطيعوا اللهَ﴾ فيما أمركم به، ومن جملته : الرضا بقضائه عن المصائب، ﴿وأطيعوا الرسولَ﴾ فيما سنَّ لكم من الأخلاق الطيبة، وكرر الأمر للتأكيد والإيذان بالفرق بين الطاعتين في الكيفية، ﴿فإِن توليتم﴾ عن طاعتهما ﴿فإنما على رسولنا البلاغُ المبين﴾، وهو تعليل للجواب المحذوف، أي : فإن تُعرضوا فلا بأس عليه ؛ إذ ما عليه إلاّ البلاغ، وقد فعل ذلك بما لا مزيد عليه. وإظهار الرسول مضافاً إلى نون العظمة في مقام إضماره لتشريفه ﷺ والإشعار بأنّ مدار الحكم، الذين هو وظيفته عليه السلام هو محض التبليغ، ولتشنيع التولِّي عنه.
﴿اللهُ لا إِله إلاّ هو﴾ لا يستحق العبادة غيره، فـ " الله " : مبتدأ، و " لا إله إلا هو " : خبره، ﴿وعلى الله﴾ دون غيره ﴿فليتوكل المؤمنون﴾، حَثّ رسولَه ﷺ على التوكُّل عليه حتى ينصره الله، وهي عامة لغيره، وإظهار الجلالة في موضع الإضمار للإشعار بعليّة
٦٠
التوكُّل والأمر به، فإنّ الألوهية مقتضية للتبتُل إليه تعالى بالكلية، وقطع التوكُّل عما سواه بالمرة.
الإشارة : ما من نَفَس تُبديه، إلاَّ وله قَدَر فيك يُمضيه. ما أصاب من مصيبة قلبية أو نفسية، ظاهرة أو باطنة، إلاّ بإذن الله وقَدَرِه، وكذلك ما أصاب من مسرةٍ أو زيادة إلاّ بإذنه تعالى. قال القشيري : أي : أيّ خصلة حَصَلَت فمن قِبَله، خَلْقاً، وبعلمه وإرادته حُكماً، ومَن يؤمن بالله يهدِ قلبه، حتى يهتدي إلى الله في السراء والضراء في الدنيا، وفي الآخرة يهديه إلى الجنة، وقيل : يهديه للأخلاق السنية، وقيل : لاتباع السنّة، واجتنابِ البدعة. هـ. وقال أبو بكر الورّاق : ومَن يؤمن بالله عند النعمة والرخاء فيعلم أنها من فضل الله يهدِ قلبه للشكر، ومَن يؤمن بالله عن الشدة والبلاء، فيعلم أنها من الله يَهْد قلبه للصبر والرضا. هـ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٠


الصفحة التالية
Icon