يقول الحق جلّ جلاله :﴿يا أيها الذين آمنوا إِنّ مِن أزواجكم وأولادِكم عدواً لكم﴾ يشغلونكم عن طاعة الله تعالى، ويُخاصمونكم في أمور الدنيا، أي : إنَّ من الأزواج أزواجاً يُعادين بعولتهنّ ويخاصمنَهم، ومن الأولاد أولاداً يُعادون آباءهم ويعقّونهم، ﴿فاحذروهم﴾ ؛ كونوا على حذر منهم إن شغلوكم عن الله، فالضمير للعدو، فإنه يُطلق على الجمع، كقوله تعالى :﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي﴾ [الشعراء : ٧٧]، أو : للأزواج والأولاد جميعاً، فالمأمور به على الأول : الحذر عن الكل، وعلى الثاني : الحذر من البعض، لأنّ منهم مَن ليس بعدو، وإمّا الحذر عن عموم الفريقين، لاشتمالهما على العدو. ﴿وإِن تَعفوا﴾ عن ذنوبهم القابلة للعفو، بأن تكون متعلقة بأمور الدنيا، أو بأمور الدين لكن مع التوبة، أو : تعفوا إذا اطّلعتم منهم على عداوة، ﴿وتصفحوا﴾ ؛ تُعرضوا عن التوبيخ، ﴿وتغفروا﴾ ؛ تستروا ذنوبهم، ﴿فإِنَّ الله غفور رحيم﴾ يغفر لكم ذنوبكم، ويعاملكم مثل ما عاملتم.
رُوي أنّ ناساً من أهل مكة أرادوا الهجرة، فتعلّق بهم نساؤهم وأولادهم، وقالوا : تنطلقون وتُضيعوننا، فرقُّوا لهم، ووقفوا، فلما هاجروا بعد ذلك، ورأوا الذين سبقوهم قد فَقِهُوا في الدين، وحازوا رئاسةَ التقدُّم، أرادوا أن يُعاقبوا أزواجهم وأولادهم، فرغّبهم في العفو.


الصفحة التالية
Icon