﴿إِنما أموالُكم وأولادُكم فتنةٌ﴾ ؛ بلاءٌ ومحنةٌ، يوقعون في الإثم والعقوبة، أو : امتحان واختبار، يختبر بهما عبادَه، هل يصدونهم عن الخير أم لا، فيعرف القويّ في دينه من الضعيف. قال الحسن : أدخل " مِن " للتبعيض في الأزواج والأولاد ؛ لأنَّ كلهم ليسوا بأعداء، ولم يذكر " مِن " في فتنة الأموال والأولاد ؛ لأنها لا تخلو من فتنة واشتغال قلب بها. كان لابن مسعود بَنون كالبُدور، فقيل له ـ وهم بين يديه : أيسرُّونك ؟ فقال : لا، إنما يسرُّني لو نفضت يدي من التراب عند دفنهم، فنفوز بأجورهم، قيل له : إنَّ لك الأجر في تربيتهم، فقال : كل ما يشغل عن الله مشؤوم. هـ. من اللباب. وعن ابن مسعود : لا يقل أحدكم : اللهم اعصمني من الفتنة ؛ إذ لا يخلو منها أحد، ولكن ليقل : اللهم إنني أعوذ بك من مضلاَّت الفتن. قال أبو بريدة : كان رسول الله ﷺ يخطب يوم الجمعة، فجاءه الحسن والحسين، عليهما قميصان أحمران، يجرانهما، يعثران، ويقومان، فنزل رسولُ الله ﷺ عن المنبر، حتى أخذهما، ثم قرأ :﴿إنما أموالكم وأولادكم فتنة﴾... الآية، ثم قال " إني رأيت هذين فلم أصبر " ثم أخذ في خطبته.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦١
واللهُ عنده أجرٌ عظيم﴾ لمَن آثر محبةَ الله وطاعتَه على محبة الأموال والأولاد،
٦٢
والسعي في تدبير مصالحهم، وليس في الآية ترهيب من مخالطة الأزواج والأولاد، إنما المراد النهي عن الاشتغال بهم عن ذكر الله وطاعته، فإذا تيسّر ذلك معهم فالمخالطة أولى، فَعَن أنس رضي الله عنه : قلت : يا رسول الله ؛ الجلوس مع العيال أحب إليك أم في المسجد ؟ قال :" جلوس ساعة مع العيال أحب إليَّ من الاعتكاف في مسجدي هذا، ودرهم تُنفقه على العيال أفضل من أن تنفقه في سبيل الله " انظر السمرقندي.