" فطلِّقوهن في قُبل عِدّتهن ". قال ابن جزي : واختلف في النهي عن الطلاق في الحيض، هل هو معلَّل بتطويل العدة، أو تعبُّد، والصحيح : أنه معلَّل بذلك، وينبني على هذا الخلاف فروع، منها : هل يجوز إذا رضيت به المرأةُ أم لا ؟ ومنها : هل يجوز طلاقها في الحيض وهي حامل أم لا ؟ ومنها : هل يجوز طلاقها قبل الدخول وهي حائض أم لا ؟ فالتعليل بتطويل العدة يقتضي جواز هذه الفروع، والتعبُّد يقتضي المنع، ومَن طَلَّق في الحيض لزمه الطلاق، ثم أُمر بالرجعة على وجه الإجبار عند مالك، ودون إجبار عند الشافعي حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلَّق وإن شاء أمسك، حسبما ورد في حديث ابن عمر، حيث طلّق امرأته، فأمره ﷺ برجعتها هـ.
﴿وأَحْصُوا العِدَّةَ﴾ ؛ اضبطوها، وأكمِلُوها ثلاثة أقراء كوامل، لِما ينبني عليها من الأحكام، كالرجعة والسكنى والميراث وغير ذلك، ﴿واتقوا اللهَ ربكم﴾ في تطويل العدة عليهن والإضرار بهن. وفي التعبير بعنوان الربوبية تأكيد لِما أمر، ومبالغة في إيجاب الاتقاء.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٥
لا تُخرجوهن من بيوتهن﴾ ؛ من مساكنهن عند الفراق إلى أن تنقضي عدتهن، وإضافتها إليهن مع أنها للأزواج لتأكيد النهي ببيان كمال استحقاقهن لسكانها، كأنها أملاكهن. ﴿ولا يَخْرُجْن﴾ ولو بالإذن منكم، فإنَّ الإذن في الخروج في حكم الإخراج، وقيل : لا يخرجن باستبدادهن، أمّا إذا اتفقا على الخروج جاز، وهو خلاف مذهب مالك، فلا يجوز لها في مذهبه المَبيت عن بيتها، ولا أن تغيب عنه، إلاّ لضرورة التصرُّف، وذلك لحفظ النسب، وصيانة المرأة، فإن كان المسكن ملكًا للزوج، أو مكترىً عنده لزمه إسكانها فيه، وإن كان المسكن لها فعليه كِراؤه مدة العدة، وإن كان قد استمتعته فيه مدة الزوجية ؛ ففي لزوم خِراج العدة له قولان في المذهب، والصحيح لزومه ؛ لأنّ الاستمتاع قد انقطع بالطلاق.